من الحاجات الأساسية لدى الإنسان تحقيق ذاته في وسطه النفسي والاجتماعي، ومن طرق تحقيق الذات التأثير على الآخرين، وكسب المقبولية في قلوب ومشاعر الناس، ويسعى الكثير إلى تحقيق هذا الأمر المهم في حياتهم، ليتركوا أثراً طيباً محموداً في كلّ مكانٍ يمكن أن يكونوا فيه، وفي نفس كلّ شخصٍ يلتقون به في مختلف المناسبات، وهذا الأمر كلّما كان عن تنظيم ودراسة وتطبيق بعض الأساليب والطرق والخطوات كان احتمال حصوله أقرب وأسهل، وربما يكون بعضٌ قدوة حسنة، ومثالاً يُقتدى به في التأثير على غيره.
كيف أؤثر على الآخرين:
عدّة خطوات يمكن القيام بها في التعامل مع الناس لتحقيق نسبة عالية من التأثير في نفوسهم، وتحصيل المقبولية تجاه الآخر:
1- تجنب قول الكلام السلبي الذي لا يرضاه المقابل، ويمجّ سماعه، حتى لو كان حقيقة، بل اختيار الأسلوب الإيجابي، وطريقة بيان الحقائق بالنحو الذي يجعل السامع ذا ثقة بتعبيرك، حتى لو كنت في مقام النقد والتوجيه.
2- التحلّي بصفة الصبر على ما يصدر من الآخرين من مواقف، والمحافظة على ذلك الصبر، ودعمه بالحكمة والحلم، خاصّةً في أوقات الضغوطات النفسيّة عند المتكلّم أو المخاطَب، بذلك سوف يحفظ الإنسان لسانه عن الكلام غير المقصود، ويبعد المقابل عن التفكير في الخطاب أو الموقف الهجومي، فإنّ الصبر يزرع الأمل، والثقة، والحبّ، والحكمة عند الطرفين.
3- قضاء حوائج الآخرين، وتقديم الخدمات التي تنفعهم في مختلف المواقف، ويكون ذلك دون إخبارهم وإعلامهم بذلك، فإنّ هذه الطريقة في التعامل مع الناس من أكثر الطرق المؤثّرة على مشاعرهم تجاه صاحبها، لكون تقديم المساعدة للآخرين أمر محبوب عند جميع الأفراد والمجتمعات، ويثمنون مواقف الإعانة والخدمة بمشاعر الاحترام والقبول تجاه الفاعل.
4- التعامل مع أفضل احتمال وأحسن وجه في ما يصدر عن الآخرين (احمل أخاك على سبعين محمل)، فاحمل غيرك على حسن النيّة، وأنّه يفعل ما يفعل، أو يقول ما يقول، عن حسن قصد، فإنّ ترك الحكم على الآخرين بطريقة سلبيّة.، يقربهم مع ذلك الشخص من الإيجابية.
5- الإقبال على المتكلّم، والاستمتاع له بكلّ اهتمام واحترام، وتُقبل عليه بقلبك، وبعقلك، وبلسانك، هذا يسبب ردّة فعلٍ تجاهك تحمل معها زيادة ثقة وحبّ الناس لك، وتحمّلهم السلوك أو التصرّف الصادر عنك.
6- التمييز بين الشخص وسلوكه، والإنسان الواعي يكره الذنب وليس المذنب، بل المذنب هو مورد النصح والإرشاد والمسامحة، وما أحوجنا اليوم إلى أن نفرّق بين الفعل وصاحبه، فيكون الحكم على الأفعال، لا على الذوات.
7- بناء الحوار مع الآخرين على نظام (كسب القلوب مقدّم على كسب الآراء)، فقد تكون على صواب في محاورة بعض الأشخاص، وقد يكون من الحكمة أن لا تشدّ عليه في الردّ؛ كسباً لقلبه، حتى وإن كنت تعتقد نفسك الأصوب، فالتنازل عن كسب رأي لأجل كسب قلب من صفات العقلاء.
8- الحرص على وفاء الوعود والاتفاقات المبرمة مع الناس، فإنّ الوفاء بالوعد من الأخلاق الحميدة عند الناس، وصاحبها محبوب ومقبول اجتماعياً، كما أنّ الوفاء بالوعد صفة ترتبط بالصدق والاستقامة، وبه ينبت شعور الثقة بين الأشخاص، وتتأكد روابط التعاون والمحبة بين أفراد المجتمع.
9- الاهتمام بفهم الآخرين للموضوع أو الموقف، وتقمّص دور المقابل، والتفكير بما يفكر به المخاطَب، واستخدام أُسلوبي المنطق والمشاعر، ومنح الوقت اللازم للآخرين، والإصغاء لهم باهتمام، والتعبير عن المشاعر بصدق وجدية، فإذا وجد الناس هذا الاهتمام من شخص، زادت ثقتهم وتقديرهم.
10- العمل على إعادة أو إصلاح العلاقات التي تخللتها المشاكل؛ لأنّ القطيعة تضخّم المشكلة، والتباعد يؤدّي إلى فقدان السيطرة على القلوب والمشاعر، لذلك ينصح بإصلاح الخلافات بصدق وطِيب نفس، وحسن نية.
11- الاعتراف بالخطأ والاعتذار من الطرف الآخر، فإنّ الخطأ أمر وارد الصدور من الإنسان، ولا يستطيع أحد أن يدعي العصمة مهما كان له من المميّزات، والخطأ الأكبر هو الإصرار على الخطأ، وعدم الاعتراف به، واعتبار الرجوع عنه نقيصة، وهذه صفة سلبية تنزع حبّ الناس لصاحبها من قلوبهم.
12- التعامل حسب الشخصية المقابلة، وذلك بتخصيص بعض الوقت لكلّ شخص، والتواضع أثناء التعامل مع الآخرين. تقبّل الآخرين كما هم؛ لأنّ عدم تقبّل الآخرين يدفعهم للتوقّف عن استماعك.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (59)