الحوار الناجح في الأسرة

يغيب في بعض الأحيان الحوار البناء في الأسرة، مما يؤدي إلى ولادة بعض المشاكل ونموها مما يؤثر على مستقبلنا التربوي والاجتماعي، لا تخلو عائلة من نوع من المشاكل الأسريَّة؛ تتخذ أشكالاً مختلفة حسب الطرفين، فتارة تكون بين الأبوين، وتارة تكون بين الأبناء. وتارة بين الأبناء وبين الأبوين أو أحدهما، ومن الأسباب الرئيسيّة في وجود المشاكل بين الأبوين هي عدم فهم طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، من حيث اختلاف الرَّغبات، وطريقة التفكير، والاهتمامات فيما بينهم، وهذا الاختلاف في محلّه، حيث أنَّ العلاقة بين الرجل والمرأة، مهما كانت مستقرّة ومتوافقة، إلا أن كل منهما يحتفظ في نفسه لأفكار وتوجهات أو تطلعات تختلف عنها عند الآخر، كما أنّ التركيب العُضويّ والنَّفسيّ عند الرجل مختلف عنده عن المرأة، وكل هذه الأمور سبب في حدوث أو تغذية بعض المشاكل في الأسرة، خصوصاً إذا اقترن بقلة أو انعدام الخبرة والوعي.

وتوجد أسباب أخرى للمشاكل الأسريَّة منها:

التغير الاجتماعي: يحدث العديد من التغيرات الاجتماعية في المحيط الخارجي للأسرة وتتأثر به، بحيث يتبنى الأبناء قيماً وأفكار متحررة جديدة غير تلك القيم والعادات تقليدية التي يتبنها الاباء مما يؤدي إلى حدوث الفجوة والصراع بين الأبناء والآباء.

ومنها: الجهل بخصائص نموّ مراحل العمر المختلفة: حيثُ أنَّ لكلّ مرحلة عمرية خصائصها ومتطلبات التعامل معها، فعدم الوعي بهذه الخصائص وكيفية التعامل بكلّ مرحلة سيؤدي لحدوث المشكلات وسينعكس على سلوك أفراد الأسرة.

ومنها: التباين الفكري والعاطفي: حيثُ أنّ التغيّر في مشاعر الزوجين بعد الزواج من حبّ وسعادة، واختلاف الخلفية الفكرية والثقافية لدى الزوجين يؤدي إلى حدوث خلاف حول طرق تربية الأبناء واتخاذ القرار ومعاملة الآخرين.

ومنها: الضغوطات الاقتصادية: يُعدُّ نقص الموارد المادّيّة للأسرة عائقاً في تحقيق تماسكها وتلبية احتياجاتها المختلفة، وأيضاً فإنَّ وجود الموارد المادّيّة العالية وعدم التخطيط المتوازن لها ينتج عنه أيضاً خلاف ومشاكل أسرية.

ومنها: خروج المرأة للعمل: يختلف تأثير عمل المرأة من أسرة لأخرى حيث يمكن أن يؤدي إلى حدوث صراع في الأدوار واختلاف في سيادة الأسرة وتنسيق المسؤوليات والأولويات والأمور المادية، وصراع في تحقيق توازن بين متطلبات العمل والأبناء والزوج وبين تحقيق ذاتها.

ومنها: تأثير الأقارب والرُّفقاء: فإنّ التأثير السَّلبي للأفراد من البيئة الداخليّة يُسبب المشاكل، سواء من خلال تدخلهم بشؤون أفراد الأسرة أو من خلال تحريض طرف على الآخر.

علاج المشكلات الأسريَّة

أولاً: يجب أن يدرك أفراد الأسرة أنّ هناك قائداً وربّاً لهذه الأسرة يتمثّل في الأبّ والزّوج، وإنّ صمام الأمان للأسرة هو القائد الذي ينبغي للجميع إدراك دوره، حتّى يستطيع حسم الخلافات التي يمكن أن تظهر بين أفراد الأسرة.

ثانياً: أن يلجأ أفراد الأسرة إلى الحوار الناجح والاستماع والمهارات الإنسانيّة التي تمكّن كلّ طرفٍ من أن يستمع إلى الآخر ويتحاور معه، من أجل حلّ الخلافات والمشكلات التي يمكن أن تحدث، بل ومنع تفاقم تلك الخلافات وتحوّلها إلى صراعٍ وتصادم، كما أنّ الحوار وسيلة ناجعة تمكّن من فهم كلّ طرفٍ للآخر، فيسدّ بذلك كلّ طريق لإساءة الفهم وسوء الظّنّ.

ثالثاً: تجنـــب العنف والشّدّة، بل يتحلّى كلّ فردٍ من أفراد الأسرة بخلق الرّفق واللّين في تعاملاته كلّها.

رابعاً: أن يبتعد أفراد الأسرة عن الغضب، فالغضب لا يأتي بخير، وإنّما هو أصل الشّرور كلّها، واللجوء إلى ضبط الأعصاب.

خامساً: أن تضع الأسرة أسساً ومعايير لحلّ خلافاتهم، تُبنى على المنطق والحجّة والبرهان، بعيداً عن تحكيم الهوى والآراء الشّخصيّة، فالإنسان مهما تمتّع به من حصافة ورجاحة عقل فإنّه يفتقر إلى الحكمة باستمرار، وقد تأخذه الأهواء في لحظةٍ من اللحظات يميناً أو شمالاً، بعيدًا عن جادّة الصّواب.

المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (52)