في العقدين الأخيرين من هذا القرن، قامت ثورة تكنولوجية هائلة، غيّرت طريقة الحياة الإنسانية، رجالا ونساء، وأطفالاً، خصوصاً في عالم الإعلام المرئي في برامج النت والتلفاز، الأمر الذي يستدعي وضع ضوابط تضمن بقدر ما الحفاظ على الثوابت الدينية والاجتماعية للمجتمع المسلم.
وبالنسبة للأطفال فإنّ المحطّات الفضائية تبثّ عبر شاشات التلفاز العشرات من برامج الأطفال المختلفة، كالمسابقات، وأفلام الكرتون، وأفلام الطفولة، وغيرها من برامج الطفولة الكثيرة، التي يمتد بثّها على مدار الساعة، دون توقف، ومن الواضح أنّ تلك البرامج لها أهداف تسعى لتحقيقها، وتختلف هذه الأهداف باختلاف الثقافة التي تأسّست المحطّة تحت ظلّها، ونسبة منها تبثّ أفكاراً سلبية، خصوصاً برامج وافلام العنف والحروب والأسلحة، فإنها برامج تغتال العالم البريء للطفل، وتضعنا في النتيجة أمام جيل يتقبل ثقافة العنف، ويتّخذ من التمرّد طريقة للتخلّص من بعض المشكلات الاجتماعية.
أمّا بالنسبة للجهة المقابلة، فإن بعض المحطات تبثُّ برامج أطفال توجيهية تربوية، وتنتمي إلى منظومة أخلاقية واستراتيجية تربوية، تحدّد لها أهدافاً تتلاءم مع واقع المجتمعات الإسلامية، فتهدف برامجها إلى تفعيل تنمية مهارات الطفل، لكننا أمام عدد قليل جداً منها، مقارنة ببقية القنوات ذات البث السلبي.
وعلى أي حال فمادامت برامج الأطفال تمثّل عالماً مهماً للطفل ومصدراً من مصادر تأسيس شخصيته وميوله واتجاهه في المستقبل، فلا بد للأبوين من وضع ضوابط متابعة هذه البرامج، للاطمئنان من عدم تأثيرها السلبي على تنمية أطفالهم، وإبعاد خطرها عن صحتهم النفسية والجسدية، وسنذكر أهم المخاطر المحتملة التي تؤثر على الطفل الذي يكثر من مشاهدة (افلام الكرتون) حتى المأمونة منها - دون توجيه ورقابة، بحسب تقارير بعض المؤسسات المختصة:
أولاً: تشير بعض الدراسات إلى وجود صلة بين مشاهدة الأطفال التلفاز وبين تأخر تطور اللغة لديهم، إذ يكون تعلّم الكلام ببطء أكثر، وذلك بسبب أن التلفاز يقلّل من وقت المحادثة بين الأطفال، والبالغين، وقد أثبتت باحثة في مجال اكتساب اللغة (باتريسيا كول) من خلال بعض التجارب، بأن الأطفال الذين يشاهدون البرامج التلفازية ويستمعون إليها فقط، يواجهون صعوبة في تعلّم التحدّث والكلام، فالأطفال يستفيدون من التفاعل الاجتماعي لتطوير اللغة لديهم، كما وتشير الأبحاث بأن المحادثة لها تأثير إيجابي أقوى لتطوير اللغة، أكثر من الاستماع للقصص، أو مشاهدة التلفاز، كما أن الإكثار من مشاهدة التلفاز يقتل ملكة الخيال لدى الاطفال، ويؤدي الى تفريط الطفل في وجبات الأكل وعدم الانتظام.
ثانياً: أن المشاهدة المستمرة للتلفاز تؤدي بالطفل الى عدم الميل الى ايٍّ من الانشطة الترفيهية الاخرى مثل اللعب مع الاطفال، واللعب بالألعاب الأخرى.
ثالثاً: أن قضاء ساعات طويلة في مشاهدة التلفاز يؤدي الى انعزال الطفل عن الاسرة، وبالتالي تؤثّر على شخصيّته حيث يكون طفل انعزالي، إضافة الى تأثيرها على الجانب البصري والحركي والنفسي.
رابعاً: هناك علاقة بين تدنّي مستوى الدراسة وبين التلفاز، خصوصاً من حيث تأثيرها على القدرة الاستيعابية لدى الاطفال.
خامساً: على الأمّ أن تراقب ما يشاهد أطفالها من أفلام كرتون وعليها ان تحدد له ما يراه منذ البداية، وما يناسب عمره ويجب ان تبعده عن مشاهده أفلام الكرتون التي تحتوي على العنف لأنها تؤثّر على تصرفاته وتجعله شخص يميل للعنف في المستقبل.
سادساً: إبعاد الطفل عن مشاهدة أفلام كارتون التي تحتوي على افكار وسلوكيات غير ملتزمة.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (44)