آداب الطبيب من منظور إسلامي

لقد جعل الإسلام حفظ النفس البشرية وصيانتها في المرتبة الثانية بعد حفظ الدين، فقد حرّم الإسلام قتل النفس إلا بالحق، وأوجب القصاص، وحرم الاعتداء على النفس، قال تعالى: ﴿أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا * وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا[1].

ولأن مهنة الطب تتعلق بالنفس البشرية، وبصحة الإنسان وحياته، وقاية لها مما يعطّلها أو يزيل وجودها، ولكون الطبيب مؤتمن على صحة الإنسان، وهي من أثمن ما لديه، ومؤتمن على أسرار المرضى، وأعراض الناس، فكان لزاماً عليه، التخلّق بالأخلاق الفاضلة.

وتزداد مهنة الطب شرفاً إذا روعي فيها شرطان أساسيان:

أولهما: أن تمارَس بكل إتقان وإخلاص: قال(صلّى الله عليه وآله): (إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)[2].

وثانيهما: أن يراعي الطبيب في سلوكه وتصرفاته الخلق الكريم.

ومن آداب التعامل مع المرضى:

1.  تتبع الأخلاق والآداب المهنية من تعاليم الإسلام الحنيف: التي تدعو إلى مكارم الأخلاق، وحسن الأداء، ومراقبة الله عزّ وجلّ في كل عمل.

2. الإخلاص واستشعار العبودية لله: من أهمّ ما يجب أن يتصف به الطبيب إخلاص النية لله تعالى، وأن يستشعر مراقبة الله عزّ وجلّ له في كل أحواله، وأنه محاسب على كل صغيرة وكبيرة.

3. الأمانة والنزاهة: الطبيب مؤتمن على الأرواح والأعراض، فلابد أن يتصف بالأمانة، وأن يؤدي هذه الأمانة على وجهها الصحيح، ومن الأمانة المحافظة على أسرار المرضى، وما يطلع عليه الطبيب من مكنوناتهم.

4. التواضع واحترام الآخرين: على الطبيب أن يكون متواضعاً، فلا يتكبر على مرضاه أو يحتقرهم مهما كان شأنهم، فعن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليهما السلام) قالا: (لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرّة من كبر)[3].

5. الصبر والحلم: الطب مهنة شاقّة مضنية، ويتعامل مع نوعيّات مختلفة من فئات المجتمع، فلابد للطبيب أن يتحلى بقدر كبير من الصبر، والحلم، والأناة.

6. العطف والمحبة: ينبغي أن يكون الطبيب محباً لمرضاه، عطوفاً عليهم، رفيقاً بهم، وعليه أن يكون لَبِقاً، متلطّفاً بهم، فلا يقول لهم ما يوهنهم أو يوقعهم، في براثن اليأس.

7. محاسبة النفس: الطبيب في الغالب شخصية مرموقة تُحصى خطواته، ولذا فإن أخطاء الطبيب وزلاته كثيراً ما تكون شأناً عاماً يتناقله الناس، ومن ثم فإنه ينبغي للطبيب أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه غيره، أو أن تتناقل أخطاءه الألسن.

8. حسن الاستماع لشكوى المريض: وفهم معاناته، والرفق به عند الفحص، وعدم مفاجأة المريض بالخبر السيئ، ومراعاة التدرج وإعداد المريض نفسياً لتقبل الخبر.

9. المبادرة إلى العلاج: إن المبادرة إلى العلاج هو ما تفرضه الأخلاق الفاضلة، والإنسانية الرفيعة، والفطرة السليمة المستقيمة.

10. عدم التمييز في العلاج بين الغني والفقير:  بل يمكن أن يقال: إن اهتمام الإسلام بالفقير يفوق كثيراً اهتمامه بالغني، أضف إلى ذلك: أن الغني يقدر على الوصول إلى ما يريد، عن طريق بذل ماله دون الفقير.

11. يغض بصره عن المحارم: فمن الواضح أن المرأة تعالجها طبيبة أنثى، والرجل يعالجه طبيب ذكر، ولكن يبقى الامتثال واجباً حتى تحكم الضرورة، فيجوز حينئذ النظر بمقدار الضرورة.

12. على الطبيب أن يحفظ أسرار المريض: لأنه يعلم ما لا يعلمه أهل المريض وأقرباؤه.

 


[1] سورة المائدة: آية32.

[2] كنز العمال، المتقي الهندي: ج3، ص907.

[3]     الكافي، الشيخ الكليني: ج2، ص310.