التفاؤل مع أنه شعور داخلي يعتري الإنسان، إلا أنه عامل هام في بناء شخصيته، كما أنه أحياناً يؤثر في سلوك الإنسان، فهو يزرع الأمل ويُعمِّق الثقة بالنفس ويُحفِّز على النشاط.
ونلاحظ أن كل هذه المفردات لا يمكن للإنسان أن يستغني عنها في طريق النجاح والإنجاز، لأنه عبارة عن تلك الرؤية الإيجابية للحياة، فالماضي عند المتفائل هو مصدر الدروس والعبر، والحاضر محل النشاط والعمل، والمستقبل نتيجة الجد والأمل، فمهما كثرت العوائق والمصاعب على الإنسان، ما دامت النظرة الإيجابية توجه أفكاره، فإنه لابد وأن ينتصر على اليأس القاتل، والملل المزعج.
وعلى مستوى المجتمعات، فإن كل مجتمع بحاجة إلى أن يتربّى على التفاؤل والإيجاب تجاه الحياة، فهذا أمر مهم يساهم في تجاوز المرحلة القلقة التي يمرّ بها ذلك المجتمع، كما أن التفاؤل والإيجاب والطموح أمور متوافقة مع السنن الكونية، ونظرية الأسباب والنتائج، ولا يعتمد على الأحلام أو الخوارق لإنجاز مشاريع الحياة، فالحياة تفرض على الإنسان الأخذ بالأسباب الطبيعية وفق المنهج الرباني والقانون الواقعي.
ومن آثار التفاؤل على الإنسان أنه يجعله منتجاً فاعلاً في المجتمع الذي ينتمي إليه، وصاحب فكر ورأي في تشخيص وحل المشكلات، معتزاً بذاته، واثقاً من نفسه.
كما وتكثر نجاحاته، وتتوجه نشاطاته نحو الشكل الأفضل دوماً، ويجعله عالي المعنويات في مواجهة المواقف.
كيف تكون متفائلاً؟
أولاً: الأصدقاء هم القطعة الاجتماعية التي يقضي الإنسان الوقت الأكثر من يومه معها، ويربطه بهم قانون التأثير والتأثّر في كثير من جوانب الحياة الثقافية والاجتماعية والنفسية، فلا بد من البحث عن أصدقاء جدد عند عدم امتلاك أصدقاء متفائلين؛ حيث تساعد العشرة مع الأشخاص المتفائلين على التفاؤل بالحياة، كما أنّ قضاء الوقت مع الأطفال المبتسمين يساعد على زرع التفاؤل في نفس الطفل الذي يتواجد معهم.
ثانياً: تشخيص الأفكار السّلبيّة وتحليلها، تلك التي تخطر في ذهنه، أو يواجهها في بعض المواقف، ثم بعد عملية التحليل يشخّص الأشياء التي تدعم هذا النظر السلبي، وتشخيص آخر للأمور التي تعاكس اتجاه هذه الأفكار، كل هذا يجعل طريق التخلص من النظرة السلبية، ومقاومتها، وحل مشاكلها، ورسم طريق الإيجابية في الحياة سهلاً واضحاً.
ثالثاً: من أشدّ ما يهدم الجانب الإيجابي في شخصية الإنسان هو اليأس، والتبرم، وضعف الأمل، وليس ثمة مضاد علاجي لليأس مثل الصبر والثبات، وتكرار محاولات النجاح دون استسلام، ولو تتبعنا تجارب الآخرين، لوجدنا أن الصبر والتحمّل في الحياة يقودان إلى نجاح أكبر في المدرسة، والعديد من الامتيازات الأخرى؛ لأن المثابرة والعمل الجاد والشاق توصل الإنسان في النهاية إلى طريقه، وبالتالي تزداد ثقة هذا الإنسان بنفسه، ويُصبح أكثر تفاؤلاً وسعادة، ورضى عن النفس.
رابعاً: مساعدة الآخرين على التفاؤل والتفكير بإيجابية، وهذه الفقرة تُعَدّ ممارسة للفكر الإيجابي في المجتمع، وتفعيل لثقافة التفاعل وتعزيز آثارها، فالإنسان لابدّ أن يسعى لأن يعطي الآخرين تقييمات وردود فعل إيجابية، تجاه ما يقومون به من أعمال، حتى لو كانت سيئة، والتنبيه على الجانب السلبي بطريقة ودية غير لاذعة، فإن العمل السيئ لا بدّ أن يضمّ جانباً إيجابياً ولو بنسبة يمكن أن تكون مساعدة على إعطاء نظرة متفائلة لهذا العمل، ومنح المنجز له الكثير من التشجيع لمواصلته وإكماله.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (34)