آداب لبس الخاتم

الكل يجمع على ان الآداب الإسلامية هي خلاصة الآداب الإنسانية، فما من أدبٍ حسنٍ، أو خُلق كريم، أو فضيلة معروفة، أو سلوكٍ محمود، ارتَسم على صفحة الحياة الإنسانية إلا كان مصدره الأدب الإسلامي.

فالآداب الإسلامية تَحظى بتقدير جميع الأديان السماوية على وجه الخليقة، ومَبعث هذا التقدير راجع إلى سموِّ أدب المُشـرع لهذه الآداب ـ صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين ـ، وهو القائل: (أدَّبني ربي فأحسَن تأديبي)، فهي ـ الآداب الإسلامية ـ تُلائم الطبيعة البشـرية إلى المدى الذي يَصونها من نزوات الطبائع، ويزيد من محاسنها.

ومن ذلك كله نستطيع أن نُدرك ما هدَف إليه النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله: (إنما بُعِثت لأُتَمِّم مكارم الأخلاق)، وأن نُعلن أن آداب بني الإنسان لم تكن مُتمتِّعة بخصائص الكمال قبل أن ترى الدنيا وجهَ الدعوة الإسلامية، حيث رسمت لنا أدب التعامل بكل ما يتعلق بهذا الكون صغيرها وكبيرها.

وقد تكلمنا في الأعداد السابقة عن جملة من الآداب الإسلامية ووصل بنا المقام إلى آداب لبس الخاتم فنقول:

إن التختم بأنواع الخواتيم والأحجار الكريمة من الزينة التي أباحها الله تعالى للعباد، وقد كان التختم من السنن المأثورة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام)،
وقد وجهت الروايات إلى جملة من الآداب:

1- يستحب لبس الخاتم العقيق وخاتم الياقوت وخاتم الفيروزج(الظفر) وخاتم الزبرجد وخاتم الزمرّد وخاتم الياقوت الأصفر.

قال النبي (صلى الله عليه وآله): (تختّموا بالعقيق فإن جبرائيل (عليه السلام) أتاني به من الجنة فقال: يا محمد تختّم بالعقيق ومُر أمتك أن يتختموا به)[1].

وعنه (صلى الله عليه وآله): (تختموا بخواتيم العقيق، فإنه لا يصيب أحدكم غمّ ما دام عليه)[2].

وعنه (صلى الله عليه وآله): (التختم بالياقوت ينفي الفقر، ومن تختم بالعقيق يوشك أن يقضي له بالحسنى)[3].

وعنه (صلى الله عليه وآله): (التختم بالزمرد ينفي الفقر)[4].

وعنه (صلى الله عليه وآله): (من تختم بالياقوت الأصفر لم يفتقر)[5].

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أربع خواتيم: (خاتم فضّه ياقوت أحمر يتختم به لنبله، وخاتم فضّه عقيق أحمر يتختم به لحرزه وخاتم فضّه فيروزج يتختم به لظفره، وخاتم فضّه حديد صيني يتختم به لقوته، ونهي شيعته أن يختموا بالحديد)[6].

وعنه (عليه السلام) قال: (تختموا بالعقيق يبارك عليكم وتكونوا في أمن من البلاء)[7].

وعنه (عليه السلام) قال: (تختموا بالجزع اليماني، فإنه يرد كيد مردة الشياطين)[8].

وعن الإمام الباقر(عليه السلام): (من تختم بالعقيق لم يزل ينظر إلى الحسني ما دام في يده ولم يزل عليه من الله واقية)[9].

وعن الإمام الصادق(عليه السلام): (تختموا بالعقيق، فإنه أول  جبل أقرّ لله عز وجل بالربوبية ولمحمد (صلى الله عليه وآله) بالنبوة ولعلي (عليه السلام) بالوصية وهو الجبل الذي كلّم الله عز وجل عليه موسى تكليماً، والتختم به إذا صلى صلاته علا على المتختم بغيره من ألوان الجواهر أربعين درجة)[10].

وعنه(عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: (شكا رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قطع عليه الطريق، فقال له: هلا تختمت بالعقيق؟ فإنه يحرم من كل سوء)[11].

وعن عبد الرحمن القصير قال: بعث الوالي إلى رجل من آل أبي طالب في جناية فمر بأبي عبد الله الصادق (عليه السلام) فقال: (اتبعوه بخاتم عقيق؟ قال: فاتبع بخاتم فلم ير مكروها)[12].

وعن عبد المؤمن الأنصاري قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) الله يقول: (ما افتقر كف يتختم بالفيروزج)[13].

وعن سليمان الأعمش قال: كنت مع الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام) على باب أبي جعفر المنصور، فخرج من عنده رجل مجلود بالسوط فقال لي: يا سليمان انظر ما فص خاتمه؟ قلت: يا بن رسول الله فيه غير عقيق، فقال: يا سليمان أما أنه لو كان عقيقاً لما جلد بالسوط، قلت: يا بن رسول الله زدني؟ قال يا سليمان: هو أمان من قطع اليد قلت: يا بن رسول الله زدني ؟ قال: يا سليمان هو أمان من الدم، قلت: يا بن رسول الله زدني ؟ قال: يا سليمان إن الله عز وجل يحب أن ترفع إليه في الدعاء يد فيها فص عقيق، قلت: يا بن رسول الله زدني ؟ قال: العجب من يد فيها فص عقيق كيف تخلو من الدنانير والدراهم، قلت: يا بن رسول الله زدني ؟ قال: يا سليمان إنه حرز من كل بلاء، قلت: يا بن رسول الله زدني ؟ قال: يا سليمان هو أمان من الفقر، قلت: يا بن رسول الله أحدّث بها عن جدك الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: نعم)[14] .

وعنه (عليه السلام): (نعم الفص البلور)[15].

عن علي بن مهزيار قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) فرأيت في يده خاتماً فصه فيروزج، نقشه (الله الملك)، قال: فأدمت النظر إليه، فقال لي: ما لك تنظر؟ هذا حجر أهداه جبرئيل (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله) من الجنة فوهبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي أمير المؤمنين (عليه السلام)، تدري ما اسمه؟ قال: قلت: فيروزج، قال: هذا اسمه بالفارسية، تعرف اسمه بالعربية؟ قال: قلت: لا، قال: هو الظفر)[16].

وعن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: كان أبو عبد الله(عليه السلام) يقول: (من اتخذ خاتماً من فضة فصه عقيق لم يفتقر ولم يقض له إلا بالتي هي أحسن)[17].

وفي كتاب (مناقب الرضا) عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (تختموا بالزبرجد، فإنه يسر لا عسر فيه)[18].

ونكمل ما بق من آداب في العدد القادم انشاء الله تعالى.

تكلمنا في العدد السابق عن بعض ما يتعلق بآداب التختم وفي هذا العدد نكمل ما بقي من آداب وهي كما يلي:

2 - يستحب التختم باليمين، قال الإمام الصادق (عليه السلام): (إذا كان يوم القيامة تقبل أقوام على نجائب من نور ، ينادون بأعلى أصواتهم (الحمد لله الذي أنجزنا وعده ، الحمد لله الذي أورثنا أرضه نتبوء من الجنة حيث شئنا) ، قال فتقول الخلائق: هذه زمرة الأنبياء فإذا النداء من عند الله عز وجل: هؤلاء شيعة علي بن أبي طالب ، وهو صفوتي من عبادي وخيرتي ، فتقول الخلائق إلهنا وسيدنا بما نالوا هذه الدرجة ؟ فإذا النداء من قبل الله عز وجل نالوها بتختمهم في اليمين، وصلاتهم إحدى وخمسين، وإطعامهم المسكين، وتعفيرهم الجبين، وجهرهم في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم)[19].

وعن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في حديث طويل إلى أن قال (عليه السلام): (إن الله عز وجل أوحى إلى جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني خصصتك، وعلياً، وحججي منه إلى يوم القيامة، وشيعتكم، بعشر خصال: صلاة إحدى وخمسين، وتعفير الجبين، التختم باليمين...)[20].

3- يكره التختم بالسبابة والوسطى، فعن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (يا علي لا تختم في السبابة والوسطى فإنه كان يتختم قوم لوط فيهما، ولا تعر الخنصر)[21].

4- يستحب التختم بالفضة وكراهة التختم بالحديد، فعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا تختموا بغير الفضة فإن رسول
الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما طهرت كف فيها خاتم حديد)[22].

5 - لا يجوز لبس خاتم الذهب للرجال، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): (إياك أن تتختم بالذهب، فإنه حليتك في الجنة)[23].

وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام) عن أبائه (عليه السلام) قال: (أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسبع ونهانا عن سبع: ... عن خاتم الذهب، وعن الشرب في آنية الذهب)[24].

6- أن يدعو عند لبس الخاتم: (اللَّهُمَّ سَوِّمْنِي بِسِيمَاءِ الْإِيمَانِ وَتَوِّجْنِي بِتَاجِ الْكَرَامَةِ وَقَلِّدْنِي حَبْلَ الْإِسْلَامِ وَلَا تَخْلَعْ رِبْقَةَ الْإِيمَانِ مِنْ عُنُقِي)[25].

7- يستحب لبس خاتم نقشه: (ما شاء الله لا قوة إلا باللَّه استغفر الله) وفي رواية عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: (كان نقش خاتم النبي (صلى الله عليه وآله) محمد رسول الله، وكان نقش خاتم أمير المؤمنين (عليه السلام) الله الملك ، وكان نقش خاتم أبي العزة لله)[26].

عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليه السلام) قال: (من صاغ خاتماً من عقيق فنقش فيه (محمد نبي الله وعلى ولي الله) وقاه الله ميتة السوء، ولم يمت إلا على الفطرة)[27].

وكان لكل إمام نقش، فنقش الإمام الحسن (عليه السلام): (العزة لله). ونقش الإمام الحسين (عليه السلام): (إن الله بالغ أمره)، ونقش الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) قال: (إن الله بالغ أمره)، ونقش الإمام الباقر (عليه السلام): (العزة لله)، وقيل: (إن الله بالغ أمره)، وقيل: (يا ثقتي قني شر جميع خلقك)، وقيل: (فظني بالله حسن وبالنبي المؤتمن وبالوصي ذي المنن وبالحسين والحسن). ونقش الإمام الصادق (عليه السلام): (أنت ثقتي فاعصمني من خلقك، وقيل: (الله وليي وعصمني من خلقه). ونقش الإمام الكاظم (عليه السلام): (حسبي الله) مع ورد في أسفل الكتابة وهلال في أعلاه. ونقش الإمام الرضا (عليه السلام): (ما شاء الله لا قوة إلا بالله). وكان نقش النبي آدم (عليه السلام): (لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله).

ونقش النبي إبراهيم (عليه السلام): (لا إله إلا الله محمد رسول الله توكلت على الله أسندت ظهري إلى الله فوضت أمري إلى الله لا حول ولا قوة إلا بالله). ونقش النبي سليمان(عليه السلام): (سبحان من ألجم الجن بكلمته). ونقش النبي موسى (عليه السلام): (اصبر تؤجر أصدق تنجح). ونقش النبي عيسى(عليه السلام): (طوبى لعبد ذكر الله من أجله والويل لعبد نسـي الله من أجلها)[28].

 


[1] مكارم الأخلاق: ص87.

[2] مكارم الأخلاق: ص87.

[3] مكارم الأخلاق: ص87.

[4] مكارم الأخلاق: ص89.

[5] مكارم الأخلاق: ص89.

[6] مكارم الأخلاق: ص87.

[7] مكارم الأخلاق: ص88.

[8] مكارم الأخلاق: ص89.

[9] مكارم الأخلاق: ص88.

[10] مكارم الأخلاق: ص87.

[11] مكارم الأخلاق: ص88.

[12] مكارم الأخلاق: ص89.

[13] مكارم الأخلاق: ص89.

[14] مكارم الأخلاق: ص88.

[15] مكارم الأخلاق: ص89.

[16] مكارم الأخلاق: ص89.

[17] مكارم الأخلاق: ص88.

[18] مكارم الأخلاق: ص89.

[19] البحار: ج82، ص81.

[20] المستدرك: ج3، ص290.

[21] الوسائل: ج5، ص97.

[22] الوسائل: ج5، ص78.

[23] الوسائل: ج4، ص416.

[24] الوسائل: ج4، ص415.

[25] مكارم الأخلاق: ص20.

[26] الوسائل: ج5، ص99.

[27] الوسائل: ج5، ص91.

[28] راجع مكارم الأخلاق: ص89.