آداب الدنيا وكيفية التعامل معها

حثّ الإسلام على العمل في الدنيا، وأعطاه قيمة كبيرة، وحيث أن الإسلام دين الفطرة، يجمع بين مقاصد الدنيا وبين مقاصد الآخرة، ليدفع الإنسان للعمل والسعي في طلب الدنيا بتحصيل الرزق الحلال والعيش الكريم، وبين السعي للآخرة بفعل الطاعات والاجتهاد في العبادات، قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ الله وَاذْكُرُوا الله كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[1].

بل قرن سبحانه بين المجاهدين في سبيله والذين يضربون في الأرض، حيث قال عز وجل: (وَالله يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ الله وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا الله قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ الله هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا الله إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ)[2].

 فقوله عز وجل: (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ الله وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله)، فيه إشارة إلى مصلحة أخرى مقتضِية للتخفيف في أمر قيام الليل، وهو السعي لأجل تحصيل الرزق الحلال، وهو عذر مقبول، كما هو مقبول من المجاهد في سبيل الله بلا فرق.

قيمة العمل في الإسلام:

رُوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «العبادة سبعون جزءاً، أفضلها طلب الحلال»[3].

ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام)، عن آبائه(عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مَنْ بات كالّاً من طلب الحلال، بات مغفوراً له»[4].

وعن خنيس، عن أبيه قال: سأل أبو عبد الله (عليه السلام) عن رجل وأنا عنده، فقيل له: أصابته الحاجة، قال(عليه السلام): «فما يصنع اليوم؟، قيل: في البيت يعبد ربّه، قال(عليه السلام): فمن أين قوته؟، قيل: من عند بعض إخوانه، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): والله، لَلَّذي يقوته أشدّ عبادةً منه»[5].

سبب التسمية بـ الدنيا:

ورد عن أمير المؤمنين(عليه السلام): «إنما سُميت الدنيا دنيا لأنها أدنى من كل شيء»[6].

والدنيا لغة: لدنوها، والجمع دنى، ودانيت بين الامرين، أي قاربت بينهما. والقرب بالذات أو بالحكم، وهي مقابل الآخرة.

الدنيا اصطلاحاً: هي كل ما للإنسان فيه حظ وغرض ونصيب وشهوة ولذة قبل الوفاة.

الدنيا في القرآن الكريم:

ورد ذكر الدنيا في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، وأكثرها في ذم الدنيا، فتارة يصفها باللعب واللهو قال تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِى الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ)[7].

وتارة يقول عنها إنّ الانتفاع بها غير باق كقوله: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [8].

وتارة أخرى ينبه الإنسان على عدم الإنبهار بها: (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُور)[9].

وأخرى عدم الانغماس فيها ونسيان الآخرة:
(يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)[10].

كما أنّ المولى تعالى بيّن أن من يأخذ نصيبه في الدنيا يُنقِص ذلك من نصيبه في الآخرة: (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِى حَرْثِهِ Q وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِى الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ)[11].

الدنيا في السنة الشريفة:

أكدت النصوص الشريفة أن الله تعالى خلق الدنيا لأجل الإنسان، وخلق الإنسان لأجل الآخرة، فقد ورد عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): «فإن الدنيا خُلقت لكم وأنتم خلقتم للآخرة»[12]. وأراد تعالى أن تكون نظرة الإنسان للدنيا على هذا الأساس، أي: أن يتعامل على أنها وسيلة لآخرته، فقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام): «بالدنيا تحرز الآخرة»[13]، وعنه (عليه السلام): «الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار غنىً لمن تزودّ منها، ودار موعظة لمن اتعظ بها، مسجد أحباء الله، ومصلى ملائكة الله، ومهبط وحي الله، ومتجر أولياء الله. إكتسبوا فيها الرحمة وربحوا فيها الجنة»[14]. وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «نعم العون الدنيا على الآخرة»[15].

ولا ينبغي للإنسان المؤمن أن يتخذ الدنيا غاية من دون الآخرة، فتصبح دنيا مذمومة وهي التي قال عنها أمير المؤمنين (عليه السلام): «الدنيا مزرعة الشر»[16]، «الدنيا معدن الشر ومحل الغرور»[17]، «الدنيا سوق الخسران»[18]، «الدنيا مصرع العقول».

إذن ليست الدنيا قبيحة بذاتها وليست جميلة بذاتها بل الإنسان هو الذي يُضفي صفة الجمال والقبح عليها.

لذا فالإنسان العاقل لا يذم الدنيا عندما يغتر بها، فقد ورد عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): «من قال قبح الله الدنيا، قالت الدنيا: قبح الله أعصانا للرب»[19].

وقد ورد أن أحدهم كان يذم الدنيا وهو يحسبها متجرمة عليه فسمعه أمير المؤمنين (عليه السلام) فأجابه: «أيها الذام للدنيا المغتر بغرورها، المخدوع بأباطيلها ثم تذمها؟ أنت المتجرّم عليها أم هي المتجرّمة عليك؟ متى استهوتك أم متى غرتك»[20].

إنّ الإقبال على الدنيا والاستغراق فيها يؤدي بالإنسان إلى الانزلاق في وحول المعاصي والآثام، فقد ورد عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «رأس كل خطيئة حب الدنيا»[21]، وذلك لأنّ خصال الشرّ مطوية في حبّ الدّنيا وكل ذمائم القوة الشهوية والغضبية مندرجة في الميل إليها.

ويمكن التخلّص من حبّ الدنيا بأمور:

1- العلم بقبح الدنيا وتصفية النفس والقلب من حبها، فهي كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع مَن لا عقل له»[22].

2- الصبر على البلايا وما فات من الدنيا: قال الله عزّ وجلّ: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)[23].

3- عدم النظر إلى أهل الترف، فقد ورد عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لحمران بن أعين: «يا حمران أنظر إلى مَن هو دونك في المقدرة ولا تنظر إلى مَن هو فوقك في المقدرة، فإن ذلك أقنع لك بما قسم لك، وأحرى أن تستوجب الزيادة من ربك»[24].

4- أن لا تكون الدنيا أكبر همنا، وأن ننظر إلى النعم الإلهية غير الظاهرة، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ومَن لم يرَ لله عزّ وجلّ عليه نعمة إلّا في مطعم أو مشرب أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه»[25].

وعنه (عليه السلام): «غنى الغنى مَن لم يكن للحرص أسيراً. وقال: لا تشعروا قلوبكم الاشتغال بما قد فات فتشغلوا أذهانكم عن الاستعداد لما لم يأت»[26].

وعنه(عليه السلام): «مَن أصبح وأمسى والدنيا أكبر همّه جعل الله تعالى الفقر بين عينيه وشتت أمره، ولم ينل من الدنيا إلّا ما قسم الله له، ومَن أصبح وأمسى والآخرة أكبر همّه جعل الله الغنى في قلبه وجمع له أمره»[27].

الموازنة بين الدنيا والآخرة:

بما أنّ دين الإسلام هو دين الاعتدال، فلذا ينبغي للإنسان أن يعمل في الدنيا ويسعى في مناكبها ولا ينسى نصيبه منها ولكن ليس على حساب آخرته، بل يكون عمله في الدنيا للآخرته، يقول الله تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)[28].

ورُوي عن الإمام الكاظم (عليه السلام): «اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً»[29].

وفي نفس الوقت ينبغي العمل للآخرة خالصاً، قال الله تبارك وتعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)[30].

فعلى الإنسان أن لا يكون سعيه في الدنيا مذموماً، فلا يكون عمله وأكبر همّه الدنيا وزخرفها التي هي رأس كل خطيئة، فإنّ حبها يورث الطمع، كما قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «حبّ الدنيا يوجب الطمع»[31].

وبها فساد العقل وصَمَمَ القلب، وذلك لقول الإمام علي (عليه السلام): «حب الدنيا يُفسِد القلب، ويُصِمُّ القلب عن سماع الحكمة»[32].

فعلينا إخوتي السعي إلى الدنيا المطلوبة المرغب بها شرعاً وعقلاً: وهي التي لها ثمر في الآخرة وتبقى ثمارها بعد الموت كـالعلم النافع والعمل الصالح.

وقد أشارت الروايات الشريفة إلى الدنيا التي يجب علينا أن نعيشها ونطلبها، وهي التي نستعين بها على العلم، والعمل، والطاعات، والعبادات، وحفظ الحياة ونحو ذلك، مما أمر الشارع المقدّس به، فالسعي وراء الرزق لطلب الكفاف والستر ليس بمذموم بل مطلوب، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «ليس من حب الدنيا طلب ما يصلحك»[33].

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «الدنيا دار المنافقين، وليست بدار المتقين، فلتكن حظك من الدنيا قوام صلبك، وإمساك نفسك، وتزود لمعادك»[34].

أعمال الدنيا:

قيل: ما يقع في الدنيا من الأعمال أربعة أقسام:

الأول: ما يكون ظاهره وباطنه لله، كالطاعات والخيرات الخالصة.

الثاني: ما يكون ظاهره وباطنه للدنيا، كالمعاصي وكثير من المباحات أيضاً، لأنّها مبدء البطر والغفلة.

الثالث: ما يكون ظاهره لله وباطنه للدّنيا، كالأعمال الريائية.

الرابع: عكس الثالث، كطلب الكفاف لحفظ بقاء البدن، والقوة على العبادة، وتكميل النفس بالعلم والعمل.

هناك جملة من الآداب التي ينبغي مراعاتها في التعامل مع الدنيا والتي من أهمها:

1- أن تعلم أيها الإنسان أنك خلقت منها (من تراب الدنيا) وسوف تعود إليها يوماً ما وتتحول إلى تراب وذلك قول الله تبارك وتعالى: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ)[35]، فالأعمار تفنى والأيام تنتهي واللذات تنسى ولا يبقى إلا الحسرات والندم، فلا تؤجل التوبة ولا تغتر بطول العمر.

2- أن تعلم أن الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر فتأخذ من ممرك إلى مقرك، وأنها كالجسر الذي تعبره إلى الجهة الأخرى، وأن هذه الدار هي ليست دار الخلود، بل هي دار الفناء وأنك تسير على أرض قد سار عليها ملايين غيرك، كانوا يحملون مثلك من الأفكار والطموحات، وتزوجوا وأنجبوا وملكوا وأكلوا ولكنهم جميعا ذهبوا، فهذه الدنيا کالبحر العميق قد غرق فيها كثيرون، فليجعل الإنسان سبيله في النجاة من الغرق في بحر الدنيا، التقوى والورع والطاعة والأخلاق الحميدة، فعن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا من ابتغي به وجه الله...»[36].

3- أن تعلم إن كل شيء في هذه الدنيا يشهد عليك ويراقبك، فقد ورد أن أول الشهود وأعلاهم شأناً هو الذات الإلهية المقدسة: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ)[37]، فإنّ شهادة الله تكفي لكل شيء، إلاّ أنّ مقتضى اللطف والعدالة الإلهية تستوجب أن يضع تعالى شهوداً آخرين.

ثم شهادة الأنبياء والأوصياء: يقول القرآن الكريم: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا)[38].

وقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) حول نزول هذه الآية قوله: «نزلت في أُمّة محمّد(صلى الله عليه وآله) خاصة، في كلّ قرن منهم إمام منّا، شاهد عليهم ومحمّد شاهد علينا»[39].

ثم شهادة اللسان واليد والرجل والعين والأذن: كما في قوله تعالى: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[40].

ونستفيد من بعض الرّوايات أنّ كلّ أعضاء الجسم ستقوم بدورها بالشهادة على الأعمال التي قامت بها، حتى جلودهم تشهد عليهم، لقد تحدثت الآيات عن هذا الموضوع بصراحة، بل وأضافت أنّ المذنبيين لم يكونوا يتوقعون أن تشهد عليهم جلودهم، فخاطبوها بالقول:
(لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا)؟ فيأتي الجواب من جلودهم: (أَنْطَقَنَا الله الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)[41].

 ثم شهادة الملائكة: يقول تعالى: (وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ)[42]. ومفهوم الآية الكريمة أنّ كلّ إنسان يحشر إلى القيامة، يكون معه ملك يسوقه نحو الحساب وتشهد الملائكة عليه.

ثم شهادة الأرض: إنّ الأرض التي تحت أقدامنا، وتؤمن لنا مختلف البركات والنعم، تقوم أيضاً بمراقبتنا بدقّة، وتحدّث في ذلك اليوم ما كان منّا عليها، يقول تعالى: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا)[43]. فلا تعصي الله في بقعة من بقاع الأرض فإنها تشهد عليك يوم القيامة.

ثم شهادة الزمان: بالرغم من عدم إشارة نصوص الآيات القرآنية إلى هذه الشهادة، ولكن نستفيد هذه الشهادة من أحاديث الأئمة المعصومين(عليهم السلام)، فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قوله(عليه السلام): «ما من يوم يمر على ابن آدم إلا قال له ذلك اليوم: يا بن آدم، أنا يوم جديد، وأنا عليك شهيد، فقل في خيرا، واعمل في خيرا، أشهد لك به يوم القيامة»[44].

ألا يكفي للإنسان العاقل كل هؤلاء الشهود أن يسير في طريق الحق والعدالة والتقوى والنزاهة!؟

4- أن تعلم أن الأرض التي تمشي عليها تتعلق بك وتشتاق إليك إن كنت مؤمنا عاملا بالصالحات وسوف تستقبلك وتحول قبرك إلى روضة من رياض الجنة إن دخلت فيها، وأن هذه الأرض التي تمشي عليها سوف تكرهك وتتمنى أن لا تدفن فيها وسوف تحول قبرك إلى حفرة من حفر النيران إن دخلت فيها إن كانت أفعالك سيئة.

5- أن تعلم أنك مهما كنزت وجمعت من أموال وبنيت من البيوت فإنك يوماً ما سوف تترك كل ذلك ولا تأخذ معك شيئاً غير كفنك ولا ينفعك إلا عملك الصالح، فلا تحزن على ما فاتك وما خسرت من الدنيا، ويكون حزنك على ما فاتك من العمل الصالح، وتحاول جاهداً أثناء حياتك أن تعمل الخيرات، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: «أغنى الناس في الآخرة أفقرهم في الدنيا، أوفر الناس حظا من الآخرة أقلهم حظا من الدنيا»[45].

6- يستحب أثناء حياة الإنسان في الدنيا أن يعمل لدنياه ويعمل لآخرته، فيجمع الأموا بالطرق الشرعية ويتزوج ويعمر ويبني دون أن يقصر في حقوق أحد، فعن ابن يعفور قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): «إنا لنحب الدنيا فقال لي: تصنع بها ماذا؟ قلت: أتزوج منها وأحج وأنفق على عيالي، وأنيل إخواني وأتصدق، قال لي: ليس هذا من الدنيا، هذا من الآخرة»[46].

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) حين سئل عن الخير ما هو؟ فقال: «لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ ووَلَدُكَ، ولَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ، وأَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ وأَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ الله وإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ الله»[47].

 


[1] سورة الجمعة: آية 10.

[2] سورة المزمل: آية 20.

[3] الكافي، الشيخ الكليني: ج5، ص78.

[4] الأمالي، الشيخ الصدوق: ص364.

[5] الكافي، الشيخ الكليني: ج5، ص78.

[6] علل الشرائع، الشيخ الصدوق: ج1، ص3.

[7] سورة الحديد: آية20.

[8] سورة آل عمران: آية 185.

[9] سورة لقمان: آية 33.

[10] سورة الروم: آية 7.

[11] سورة الشورى: آية20.

[12] تنبيه الخواطر: ج1، ص131.

[13] نهج البلاغة، تحقيق صالح: ص219.

[14] نهج البلاغة، تحقيق صالح: ص493.

[15] الكافي، الشيخ الكليني: ج5، ص72.

[16] عيون الحكم، الواسطي: ص38.

[17] ميزان الحكمة، الريشهري: ح2، ص895.

[18] عيون الحكم، الواسطي: ص18.

[19] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج74، ص171.

[20] نهج البلاغة، تحقيق صالح: ص492.

[21] الكافي، الشيخ الكليني: ج2، ص315.

[22] الكافي، الشيخ الكليني: ج2، ص129.

[23] البقرة: آية155- 156.

[24] الكافي، الشيخ الكليني: ج8، ص244.

[25] الكافي، الشيخ الكليني: ج2، ص316.

[26] الكافي، الشيخ الكليني: ج2، ص316.

[27] الكافي، الشيخ الكليني: ج2، ص319.

[28] القصص: آية77.

[29] مَن لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: ج3، ص156.

[30] النجم: آية 39.

[31] مستدرك الوسائل، الميرزا حسين النوري الطبرسي: ج12، ص41.

[32] مستدرك الوسائل، الميرزا حسين النوري الطبرسي: ج12، ص41.

[33] كنز العمال، المتقي الهندي: ج2، ص896.

[34] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج75، ص23.

[35] سورة طه: آية55.

[36] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج۷6، ص۸۰.

[37] سورة يونس: آية61.

[38] سورة النساء: آية 41.

[39] الكافي، الشيخ الكليني: ج1، ص190.

[40] سورة النور: آية 41.

[41] سورة فصلت: آية21.

[42] سورة ق: آية21.

[43] سورة الزلزلة: آية 4.

[44] الأمالي، الشيخ الصدوق: ص170.

[45] ميزان الحكمة، الريشهري: ج2، ص912.

[46] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج70، ص62.

[47] نهج البلاغة، تحقيق صالح: ص484.