لماذا هذا التركيز على زيارة الإمام الحسين في كلّ وقت؟
ولماذا يوم الأربعين بالذات؟
إن أهمية زيارة الإمام الحسين تكمن فيما يلي:
أولاً: الحفاظ على جوهر الدين
إننا لو تأملنا أفعال دولة بني أمية ودرسنا تاريخهم الأسود لوجدنا أنهم أسسوا لثقافة خبيثة ضد مخاليفهم وهي ثقافة تزوير وتبديل الحقائق، ولما كان المخالف يمثل مادة الإسلام العقائدية والتربوية والاجتماعية والأخلاقية عمدوا الى تحريف الإسلام، فدسوا الروايات الموضوعة والمكذوبة على النبي (ص)، وغيّروا وبدّلوا الأحكام، ونشروا كلّ فساد في الأرض.
وكلّ عاقل وقع فهمه على الإسلام يعلم أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله أبلى بلاءً منقطع النظير في سبيل إرساء دعائم الإسلام، فكاد بنوا أمية أنْ يطمسوا معالمه، لولا حكمة وتخطيط سيد الشهداء لاستنقاذ هذا الدين القيّم دين جده المصطفى فاضطر الى نوع خاص من التضحية فقدم نفسه وأسرته وأصحابه فداءً للإسلام فبقي الإسلام ليصدق الحديث الشريف عن النبي " حسين مني وأنا من حسين".
وهنا نسأل: ماذا لو لم يضحّ الإمام الحسين عليه السلام بهذه التضحية؟
ماذا لو ذهب الإسلام؟
قطعاً لو لم يذهب ذلك لذهبت القيم التي جاء بها رسول الله، بل سيضيع جهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجميع تضحياته سدى؟ حاشا لله ذلك.
من هنا فإن الله سبحانه وتعالى أكرم وليه الحسين صلوات الله عليه بأن جعل زيارته أفضل! من الحج والعمرة، وأكرم زوّاره وجعل لهم الثواب العظيم كرامة له.
ثانياً: تعظيم القيم والمبادئ الإلهية
إن زيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام رمز لتقديس الإسلام وتقديس المبادئ والقيم التي ضحى من أجلها الإمام الحسين حيث أن من يزور سيد الشهداء يعظّمه لكونه حامي الشريعة من جهة، ومن جهة ثانية فهو يعظّم دين الله والمبادئ والقيم الربانية التي جاء بها نبي الإسلام العظيم محمد لذا ورد أن الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء، ولا شك أنه يتبين لكلّ ذي لبّ أن أهمية بقاء وجود الإسلام كأهمية وجوده، فما الفائدة لو وجد الدين ثم اندرس كما حصل لبقية الأديان السماوية الأخرى. إننا نجد في هذا العصر أنهم ينصبون تمثالاً للجندي المجهول فيعظمونه تعظيما ً لمبادئ وقيم، فكيف لا نزور الحسين وهو الإمام المعصوم الذي تمثّلت فيه كلّ القيم الإلهية الإسلامية. نعم نحن عندما نزور سيد الشهداء فإننا نستلهم منه الدروس العظيمة " التضحية، الوفاء، إباء الضيم، المحافظة على الشرف والعرض، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الصلاة، الدعاء، قراءة القرآن، الذوبان في حب الله سبحانه، كلّ شيء يرخص في جنب الله، ...إلخ كلّ ما جاء به الرسول الأعظم نستلهمه ونستقيه من زيارة الإمام الحسين عليه السلام.
لماذا زيارة الأربعين؟
ولو نتأمل في أهمية زيارة سيد الشهداء عليه السلام في يوم الأربعين فإنها تكمن في:
1- إن يوم الأربعين هو أول يوم تمت فيه زيارة الإمام الحسين صلوات الله عليه بعد شهادته، وبهذا اكتسب خصوصية في زيارته، مع كون الاقتراب من قبره الشريف ذلك الوقت يعد جريمة يعاقب عليها النظام الأموي، مع ذلك اتجه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله عليه لزيارة الحسين عليه السلام.
كما أن جابر الأنصاري هو تلميذ مدرسة أهل البيت وهو يعلم ما يفعل وهو عارف بفضل زيارة الإمام الحسين عليه السلام، فقد حاز على الشرف العظيم وفاز بأن كان أول زائر لهذا القبر الشريف.
2-إن يوم الأربعين هو يوم عودة ذرية رسول الله من السبي وأسر الذل لأرض كربلاء، وما جرى عليهم من المصائب العظيمة والرزء الجليل في الكوفة عند بن زياد عليه لعنة الله وفي الشام عند الطاغية يزيد بن معاوية لعنة الله عليه، الذين هتكوا حرمة الإسلام وحرمة نبي الإسلام بأن سبوا ذريته، وفعلوا بهم ما فعلوا. وهذا الأمر يذكّرنا بأنّ الدين والقيم الإنسانية تستحق التضحية بكلّ شيء إذا هدّدت بخطر الفناء والاندراس.
من هنا اكتسب هذا اليوم أهمية كبرى، نسأل الله المولى القدير أن يفرّج عن أرض المقدسات عن بلد أمير المؤمنين عن بلد الإمام الحسين عن بلد المعصومين عن أرض العراق قريباً، ويرزقنا زيارة الحسين وزيارة أبيه وأبنائه الأطهار عليهم أفضل الصلاة والسلام.
"السلام على الحسين المظلوم الشهيد السلام على أسير الكربات، وقتيل العبرات، اللهم إني أشهد أنه وليك وابن وليك، وصفيك وابن صفيك، الفائز بكرامتك، أكرمته بالشهادة، وحبوته بالسعادة واجتبيته بطيب الولادة "