الفصل الثاني
في موقف الإمام الحسن (عليه السلام)
إذا كان الإسلام بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) في مهب الرياح، لعدم استحكامه في نفوس كثير من معتنقيه، لقرب عهدهم بالجاهلية، بحيث يخشى من أن يؤدي ظهور الخلاف والشقاق بين المسلمين إلى انهيار الكيان الإسلامي بردة ونحوها - كما سبق - فلا مجال لذلك في عهد الإمام الحسن (صلوات الله عليه).
حيث قد ضرب الإسلام بجرانه، واتسعت رقعته، وتعاقبت الأجيال عليه، وتدفقت الخيرات على المسلمين بسبب الفتوح الكبرى، فهم بين من يتمسك به ويدعو له كعقيدة راسخة - عن بصيرة كاملة، أو عن تأثر بالمجتمع - ومن يتمسك به ويدعو له لمصالحه الشخصية من مال أو جاه أو نفوذ أو سلطان.
ومن ثم فالظاهر أن موقف الإمام الحسن (صلوات الله عليه) لم يكن ناشئاً من الحذر على كيان الإسلام العام، كما كان هو الحال في موقف أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) بعد رحيل النبي (صلى الله عليه وآله) للرفيق الأعلى.
ولا بد أن يستند موقف الإمام الحسن (عليه السلام) لوجوه أخر يحسن بنا التعرض لما يتيسر لنا إدراكه منها.
والكلام.. تارة: في صلحه (صلوات الله عليه) مع معاوية.
وأُخرى: في صبره وعدم تغييره بعد ظهور الغدر من معاوية، ونقضه للعهد، وانتهاك الحرمات العظام. فالكلام في مقامين: