المقام الثاني
في عدم مواجهة الإمام الحسن (عليه السلام)
لمعاوية بعد ظهور غدره
من الظاهر أن معاوية قد أعلن من يومه الأول عن عدم التزامه بشروط الصلح، وقد سبق قريباً أنه خطب في النخيلة عندما ورد الكوفة بعد الصلح، فقال في جملة ما قال: ((ألا إن كل شيء أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين، لا أفي به)).
ومن المعلوم أن تصريح معاوية هذا وإن كان - في واقعه - مبرراً للإمام الحسن (صلوات الله عليه) في تخليه عن الصلح، بغض النظر عما يأتي التعرض له. إلا أن الأوضاع والموانع السابقة لم تتغير لصالحه، بحيث يستطيع التخلي عن الصلح وإعلان الحرب.
بل ربما زادت الأوضاع سوءاً بعد انفراط جيش الإمام(عليه السلام)، ووصول معاوية بجيشه في راحة إلى مشارف الكوفة، وظهور الشقاق بين أصحاب الإمام، لاختلاف وجهات نظرهم من الصلح.
ومن القريب أن معاوية أدرك ذلك، فأعلن موقفه المذكور من الشروط. وإلا فمن البعيد جداً أن يغامر ويتسرع من دون أن يأمن من مغبة عمله.
نعم بطول المدة ربما تكون الأوضاع قد تغيرت لصالح الإمام الحسن (صلوات الله عليه) من جهتين:
الأولى: تركز دعوة التشيع عقائدياً في الجملة، بحيث لا يخشى من انهيارها بتضحية جملة من خواص الشيعة مع الإمام الحسن (عليه السلام)، كما ضحوا أخيراً مع الإمام الحسين (عليه السلام).
الثانية: تشوه صورة الحكم الأموي نتيجة استهتار معاوية بقيم المسلمين وحقوقهم. وظهور نقضه للعهد عملياً، وتعديه على أهل البيت (صلوات الله عليهم) وعلى شيعتهم.