وحقيقة الأمر: أن ذلك لم يستند لنهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وحدها، بل هو نتيجة أمرين امتاز بهما دين الإسلام العظيم:
الأول: بقاء القرآن المجيد في متناول المسلمين جميعاً، واتفاقهم عليه، وحفظ الله عز وجل له من الضياع على عامّة الناس، ومن التحريف، كما حصل في الكتب السماوية الأخرى.
الثاني: جهود جميع الأئمة من أهل البيت (صلوات الله عليهم). فإنهم لما أقصوا عن مراتبهم التي رتبهم الله تعالى فيها، نتيجة انحراف مسار السلطة في الإسلام، تعرض دين الإسلام القويم الخطر التحريف والتشويه والضياع، كما تعرضت لذلك جميع الأديان. فكان مقتضى ائتمان الله تعالى لهم (عليهم السلام) على الدين، وجعلهم رعاة له أن يتحملوا مسؤوليتهم في درء الخطر المذكور.
فجدّوا وجهدوا في إيضاح الدين الحق، وإقامة الحجة عليه، بحيث لا يضيع على طالبه، رغم المعوقات الكثيرة، والجهود المضادة من قبل السلطات المتعاقبة وأتباعها.
وقد تظافرت جهودهم (عليهم السلام) في خطوات متناسقة حققت هذا الهدف العظيم على النحو الأكمل، على ما سوف يظهر في محاولتنا هذه إن شاء الله تعالى.
غاية الأمر أن لنهضة الإمام الحسين ( صلوات الله عليه) التي انتهت بفاجعة الطف - بأبعادها المتقدمة - أعظم الأثر في ذلك، على ما سيتضح بعون الله عز وجل.