ندم جماعة لتركهم نصرة الإمام الحسين (عليه السلام) [1]
وأما الذين ندموا بعد ذلك لتركهم نصر الإمام الحسين (صلوات الله عليه) فكثيرون، لا يسعنا استقصاؤهم. وقد تقدم قول البراء بن عازب: ((أعظم بها حسرة إذ لم أشهده وأقتل دونه)) [2].
وذكروا أن عبد الله بن الحر الجعفي طلب منه الإمام الحسين (عليه السلام) أن ينصره فأبى ذلك واعتزل [3]. وقد أنّبَه ابن زياد على عدم قتاله للإمام الحسين (عليه السلام) في حديث طويل له معه حينما دخل عليه. ثم خرج ابن الحر من مجلس ابن زياد ومضى إلى كربلاء، فنظر إلى مصارع القوم فاستغفر لهم هو وأصحابه، ثم مضى حتى نزل المدائن. وقال في ذلك:
يقول أمير غادر حق غادر ألا كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمة
فيا ندمي أن لا أكون نصرته إلا كل نفس لا تسدد نادمة
وإني لأني لم أكن من حماته لذو حسرة ما إن تفارق لازمة
في أبيات كثيرة يرثي بها الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه، ويؤكد على شدة جريمة قتلهم [4]، وله. شعر آخر يتضمن ندمه وحسرته لتقاعسه عن نصره [5].
كما أن الظاهر أن كثيراً من التوابين قد ندموا على ترك نَصره (عليه السلام) مع قدرتهم عليه. بل هم إنما سمّوا بالتوابين لذلك. وإن كان الظاهر أن كثيراً منهم عجز عن نصر الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، لأن ابن زياد قد سجنه. أو لأنه قد سدّ الطرق بنحو يتعذر عليه الوصول إلى الإمام الحسين (عليه السلام)، كما أشرنا إلى ذلك في المقدمة.
[1] السيد محمد سعيد الحكيم، فاجعة الطف، الطبعة السابعة، 1442هـ-2021م، القسم الأول: ص132.
[2] تقدم في المقدمة عند الكلام في حثّ النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المومنين (عليه السلام) وغيرهما على نصرة الإمام الحسين (عليه السلام).
[3] تاریخ دمشق ج: ٣٧ ص: ٤٢١ في ترجمة عبيد الله بن الحرين عمرو الفتوح لابن أعثم ج: ٦ ص: ۳۰۱ ابتداء خبر عبيد الله بن الحر الجعفي ترجمة الإمام الحسين من طبقات ابن سعد ص: ٩٣ في تتمة حديث سابق بعد حديث برقم: ۳۲۹.
[4] تاريخ الطبري ج: ٤ ص: ٣٥٩ - ٣٦٠ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له. البداية والنهاية ج: ٨ ص ۲۲۹ في شيء من أشعاره التي رويت عنه. تاريخ دمشق ج: ٣٧ ص: ٤٢٠ في ترجمة عبيد الله بن الحر بن عمرو. الفتوح لا بن أعثم ج: ٦ ص: ٣٠٢ ابتداء خبر عبيد الله بن الحر الجعفي.
[5] تاریخ دمشق ج: ٣٧ ص: ٤٢١ في ترجمة عبيد الله بن الحر بن عمرو. ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من طبقات ابن سعد ص: ٩٤ ، ٩٦