ندم عمر بن سعد وموقف الناس منه

ندم عمر بن سعد وموقف الناس منه[1]

فقد قام عمر بن سعد من عند ابن زياد يريد منزله إلى أهله، وهو يقول في طريقه: ((ما رجع أحد بمثل ما رجعت. أطعت الفاسق ابن زياد، وعصيت الحاكم العدل، وقطعت القرابة الشريفة))[2]. وهجره الناس، وكان كلما مرّ على ملأ من الناس أعرضوا عنه. وكلما دخل المسجد خرج الناس منه، وكل من رآه قد سبه، فلزم بيته إلى أن قتل[3].

ومرّ يوماً بمجلس بني نهد حين قتل الحسين (عليه السلام) فسلم، فلم يردوا عليه السلام، فلما جاز قال:

أتيت الذي لم يأت قبلي ابن حرة                   فنفسي ما أحرت وقومي أذلت[4]

وقال رضي بن منقذ العبدي الذي اشتبك مع برير بن خضير (رضي الله عنه) فصرعه برير، وأنعم عليه كعب بن جابر فاستنقذه بعد أن قتل بريراً:

ولو شاء ربي ما شهدت قتالهم                      ولا جعل النعماء عندي ابن جابر

لقد كان ذاك اليوم عاراً وسبة                       تعيره الأبناء بعد المعاشر

فيا ليت أني كنت من قبل قتله                      ويوم حسين كنت في رمس قابر[5]

وسُمع شبث بن ربعي في إمارة مصعب يقول: ((لا يعطي الله أهل هذا المصر خيراً أبداً، ولا يسددهم لرشد ألا تعجبون أنا قاتلنا مع علي بن أبي طالب، ومع ابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين، ثم عدونا على ابنه ـ وهو خير أهل الأرض - نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية. ضلال يا لك من ضلال!))[6].

وقال أبو مخنف: ((حدثني نمير بن وعلة أن أيوب بن مشرح الخيواني كان يقول: أنا والله عقرت بالحر بن يزيد فرسه ... فقال له أشياخ من الحي: أنت قتلته؟ قال: لا والله ما أنا قتلته، ولكن قتله غيري. وما أحب أني قتلته.

فقال له أبو الودّاك: ولِمَ؟ قال: إنه كان زعموا من الصالحين. فوالله لئن كان إثماً لأن ألقى الله بإثم الجراحة والموقف أحب إليّ من أن ألقاه بإثم قتل أحد منهم...))[7].

 


[1] السيد محمد سعيد الحكيم، فاجعة الطف، الطبعة السابعة، 1442هـ-2021م، القسم الأول: ص130.

[2] تذكرة الخواص ص: ٢٥٩، واللفظ له. أنساب الأشراف ج: ٣ ص: ٤١٤-٤١٥ مقتل الحسين بن علي (عليهما السلام). الأخبار الطوال ص: ٢٦٠ نهاية الحسين.

[3] تذكرة الخواص ص: ٢٥٩.

[4] ) تاریخ دمشق ج: ٤٥ ص: ٥٤ في ترجمة عمر بن سعد، واللفظ له. ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من طبقات ابن سعد ص: ۸۸ ح: ۳۰۷، ۳۰۸.

[5] تاريخ الطبري ج: ٤ ص: ٣٣٠ في أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة.

[6] تاريخ الطبري ج: ٤ ص: ٣٣٢ في أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له. الكامل في التاريخ ج: ٤ ص: ٦٨، ٦٩ في أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة: ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه).

[7] تاريخ الطبري ج: ٤ ص: ٣٣٣ في أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة.