وفي هذه الأثناء دخلت علينا امرأة فسلّمت وقالت لديّ سؤال عن الدورة الشهرية فقلت لها تفضلي بالسؤال.
- فقالت: عادتي منتظمة 7 أيام في الشهر، لكن بسبب وضع المانع للحمل استمر عليّ نزول الدم 13 يوماً فما هو حكمه؟
- فسألتها منذ كم شهر وأنتِ على هذا الحال؟
- فقالت هذه أول مرة ففي الأشهر السابقة كانت دورتي 7 أيام منتظمة.
- فقلت لها : هل كان الدم كله بصفة واحدة؟
- فقالت: في الأيام الأولى كان لونه أحمر غامقاً ثم أصبح بنيا وفي أواخر الأيام صار وردياً.
- فقلت: إذن كله بصفة الحيض فعدد أيام دورتك 7 أيام والباقي استحاضة.
- فقالت شكراً جزيلاً وخرجت.
وعاودتُ الكلام مع ضحى وأمها.
- فقالت ضحى: معذرة كنت أستمع لك وأنتِ تتحدثين مع المرأة ولفت انتباهي إنك قلت لها إن الدم الذي رأته كله بصفة الحيض مع إنها قالت إنه أحياناً يكون أحمر وأخرى بُنياً أو وردياً فكيف ذلك؟
- إعلمي يا ضحى أن الدم الذي بصفة الحيض هو الأحمر ودرجاته فالبني والوردي من درجات الأحمر إذن فكل الدم الذي رأته المرأة بصفة واحدة.
- أم ضحى: هذه معلومة جديدة هل يمكن القول: إنه إذا رأت المرأة الدم أكثر من عشرة أيام فهل يكون حيضها 7 أيام دائماً؟
- فقلت لها: لا ليس دائماً بل في المسألة تفصيل لا مجال لذكره الآن ويختلف الحكم باختلاف أقسام الحائض وقد أخذنا ما يكفي من الأحكام اليوم وأخشى أن تتراكم المسائل عليكما فيصعب فهمها.
- أم ضحى: كلامك صحيح فلابد من فهم المسائل شيئاً فشيئاً وأعدك بأننا سنراجع ما تعلمناه اليوم وسنأتي في الغد إن شاء الله للتعرف على حكم الدم الذي يتجاوز العشرة أيام.
- لا بأس بذلك وأهلاً وسهلاً بكما في أي وقت.
وعندئذ سمعنا صوت المؤذن صادحاً بالتكبير فقالت أم ضحى لابنتها سنصلي اليوم في الحرم ثم نرجع إلى البيت، نستودعك الله وسنلتقي في الغد إن شاء الله.
فقلت لهما في رعاية الله وحفظه و لا تنسيا مطالعة كتاب المسائل المنتخبة وسأبقى بانتظاركما.
وفي صباح اليوم التالي جاءت ضحى بصحبة أمها فسلمتا.
- فقلت وعليكما السلام كيف الحال؟
- فقالت أم ضحى: بخير والحمد لله، جئنا اليوم لمعرفة حكم الدم إذا استمر أكثر من عشرة أيام وقد ذكرت بالأمس أنه يختلف الحكم بحسب أقسام الحائض فكيف ذلك؟
- هذا صحيح، فقلت لضحى أتذكرين أقسام الحائض؟
- ضحى: نعم فالحائض على أقسام فتارة تكون ذات عادة وهي (العددية أو الوقتية أو الوقتية العددية) وأخرى غير ذات عادة وهي (المبتدئة أو المضطربة أو الناسية) فنحن يومياً نراجع ما تذكرينه في الدرس كي لا ننسى.
- أحسنت يا ضحى وزادك الله علماً، والآن أرجو الانتباه سأذكر الأحكام لكل واحدة من هذه الأقسام وسأبدأ بذات العادة العددية.
1- حكم ذات العادة العددية إذا رأت الدم وتجاوز العشرة
وفيها صورتان:-
الصورة الأولى:- إذا كانت تستطيع تمييز الدم، أي إن الدم بعضه بصفة الحيض (أحمر بدرجاته المختلفة كالبني والوردي) وبعضه بصفة الاستحاضة (أصفر)، كان حيضها بمقدار عددها السابق وتبدأ حسابه من الدم الواجد لصفة الحيض والباقي استحاضة.
فلو كان عددها = 5 أيام و رأت الدم 11 يوماً 6 أيام أحمر و5 أيام أصفر تتحيض 5 أيام ابتداء من الدم الأحمر والباقي استحاضة.
ولو رأته3 أيام أحمر وثمانية أيام أصفر فحيضها خمسة أيام فتكمل الثلاثة أيام بيومين من الدم الأصفر (الفاقد للصفة) والباقي استحاضة.
- أم ضحى: إذا كان الدم الأحمر أكثر من عدد أيام حيضها فلماذا لا تجعله حيضاً؟
- لأن ذات العادة العددية تلتزم بعددها ولكن تبدأ حساب الحيض من الدم الذي فيه صفات الحيض ففي المثال الأول الدم الأحمر أكثر من عددها فلابد من أن تنقص منه لتتحيض بـ (5) أيام وفي المثال الثاني الدم الأحمر أقل من عددها فلابد من أن تكمل (5) أيام من الدم الأصفر ففي كل تقدير تتحيض بمقدار عددها الثابت منذ شهرين سابقين، راجعي المسألة (55) من المسائل المنتخبة.
فكلما تجاوز الدم العشرة أيام وكانت ذات عادة عددية جعلت عددها الثابت حيضاً والباقي استحاضة.
- ضحى: وإذا اختلف العدد في الشهر السابق فماذا تفعل؟
- قلت:لا تستطيع الأخذ بالعدد السابق ولا الجديد بل تكون مضطربة وحيضها هو الدم الذي بصفة الحيض وهو(6) أيام في المثال الأول والباقي استحاضة.
وأما في المثال الثاني فحيضها 3 أيام لأنه بصفة الحيض والباقي استحاضة.
- ضحى: لماذا لا تأخذ بالعدد السابق أو المعتادة عليه سابقاً؟
- قلت: أنسيت يا ضحى، فقد ذكرنا سابقاً أنه حتى تكون المرأة ذات عادة عددية لابد من أن ترى الدم شهرين متواليين بنفس العدد وإذا اختلف في شهر تكون مضطربة .
- ضحى على استحياء: هذا صحيح كيف فاتني ذلك!
- أم ضحى:عرفنا حكم الصورة الأولى فما هي الصورة الثانية وما حكمها؟
- إليك الصورة الثانية: إذا كان الدم غير قابل للتمييز، أي:إن الدم كله بصفة واحدة (إما كله بصفة الحيض أوكله بصفة الاستحاضة) تتحيض من أول الدم بمقدار عددها السابق.
- فلو كان عددها = 7 أيام ورأت الدم 12يوماً كله بصفة الحيض أو كله بصفة الاستحاضة كان حيضها = 7 أيام والباقي استحاضة.
- أحسنت هذا صحيح لاحظي الكرات التي رسمتها لك.
انتهينا من ذات العادة العددية إذا تجاوز الدم عن عشرة أيام وأعتقد أننا أخذنا من الأحكام ما فيه الكفاية اليوم وأرجو أن تكونا قد فهمتما المطلب.
- إلتفت إلى أم ضحى وقلت لها أين أنت!؟ أراك قد سرحت عنا بعيداً؟
- أم ضحى: عذراً أنا معكم ولكن جُلتُ في خاطري فتذكرت أيامي السالفة ففي بعض الأشهر اضطربت عندي الدورة الشهرية وتجاوز الدم العشرة وكنت لا أعرف ماذا أفعل يا حسرتي على ما فرطت من عمري.
- لا عليك تداركي ما فات منك من صلاة بغير طهر واحمدي الله الذي وفقك لطلب العلم ففي حديث للإمام زين العابدين (عليه السلام) يقول فيه (لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج) ([1]) أي لو علموا فضل طلب العلم لطلبوه ولو استلزم ذلك السفر في البحار والتعرض للأخطار في سبيل تحصيله.
- أم ضحى: جزاك الله خيراً من اليوم فصاعداً لن أفرّط في وقتي، وسأتدارك ما فاتني بعون الله، نستودعك الله وسنلتقي غداً إن شاء الله.
- في أمان الله أنتظركم غداً صباحاً لنكمل الكلام عن باقي الأحكام بعون الله تعالى.
وفي صباح اليوم التالي دخلت عليّ ضحى وأمها فبادرتا بالسلام.
- فقلت: وعليكما السلام. أهلاً ومرحباً بكما كيف حالكما ؟
- أم ضحى: بخير والحمد لله ونحن مشتاقون إليك وجئنا للتعرف على حكم الوقتية إذا تجاوز الدم العشرة.
- فقلت حباً وكرامة سنتعرف على الحكم بعد أن نشرب الشاي.