عظمة الإمام الحسين (عليه السلام) وروح التضحية التي يحملها

عظمة الإمام الحسين (عليه السلام) وروح التضحية التي يحملها[1]

ثانيهما: أنه مما تقدم تتجلى عظمة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وروح التضحية في سبيل الله تعالى التي يتحلى بها، وقوة العزيمة والتصميم اللذين يحملهما بين جنبيه.

فإن الغالب أن الذين يضحون إما أن يتشبثوا بأمل السلامة ونجاح المشروع الذي يخططون له، فيشرعون في تنفيذه ويدخلون في المعركة، حتى إذا أخطؤوا وفشل مشروعهم عسكرياً منعهم دينهم، أو أبت لهم كرامتهم وحميتهم، التراجع والاستسلام من أجل السلامة، فيثبتون حتى النهاية.

وإما أن يفاجَؤوا بالمعركة من دون تخطيط سابق لها، وتنسد أمامهم طرق النجاح، فيمنعهم دينهم أو حميتهم أيضاً من الاستسلام طلباً للسلامة، ويثبتوا حتى النهاية.

أما أن يدخل الإنسان في مشروع طويل الأمد يعلم مسبقاً بأنه ينتهي بمثل هذه التضحيات الجسام والفجائع الفادحة، ويخطط لتنفيذه بصلابة وعزم، فهو أمر يحتاج إلى قابلية استثنائية.

والناظر في تفاصيل واقعة الطف - بموضوعية وإنصاف - يرى أن الإمام الحسين (صلوات الله عليه منذ امتنع من بيعة يزيد في أواخر شهر رجب، وتحرك ركبه من المدينة المنورة إلى مكّة المكرمة، صمم على المضي في مشروعه وتحقيق هدفه عالماً أن ذلك ينتهي بقتله وقتل أهل بيته نجوم الأرض من آل عبد المطلب - كما تقول العقيلة زينب (عليها السلام) في خطبتها الجليلة ) [2]- وقتل الصفوة من أصحابه. مع ما يترتب على ذلك من نهب رحله، وانتهاك حرمته، وسبي عياله والتشهير به وبهم، وتركهم غنيمة بأيدي تلك الوحوش الكاسرة والنفوس المغرقة في الجريمة والرذيلة.

 

ولم يمنعه شيء من ذلك عن التصميم والتخطيط والإصرار والاستمرار حتى النهاية التي حصلت بعد ما يقرب من ستة أشهر.

 


[1] السيد محمد سعيد الحكيم، فاجعة الطف، الطبعة السابعة، 1442هـ-2021م، القسم الأول: ص52.

[2] راجع ملحق رقم (٤).