الإمام الحسين (عليه السلام) مأمور بنهضته عالم بمصيره
وذلك بمجموعه يكشف عن أنه (صلوات الله عليه) قد أقدم على تلك النهضة عالماً بمصيره. وأنه (عليه السلام) كان مأموراً بنهضته من قِبَل الله تعالى. وإلا فلو لم يكن ذلك مرضياً لله تعالى لكان على النبي وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهما وأنهما) تحذيره من مغبة نهضته ومنعه منها، لا حثّ الناس على نصره وتأنيبهم على خذلانه. ولو كانا قد حذراه ومنعاه لكان حرياً بالاستجابة لهما، فإنه (صلوات الله عليه) أتقى الله تعالى من أن يتعمد خلافهما.
بل ورد عنهما (صلوات الله عليهما واهما أنهما حثّاه ورغّباه. فعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال للإمام الحسين (عليه السلام): ((إن لك في الجنة درجة لا تنالها إلا بالشهادة))[1].
كما ورد أنه (صلى الله عليه وآله) أخبره بذلك في الرؤيا لما قرب الموعد[2].
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه لما حاذى نينوى في طريقه إلى صفين نادى: ((صبراً أبا عبد الله. صبراً أبا عبد الله)). ثم ذكر مقتله بشط الفرات[3]... إلى غير ذلك مما رواه الفريقان خصوصاً شيعة أهل البيت (عليهم السلام).
كما أن الإمام الحسين (صلوات الله عليه) صرّح برضا الله تعالى بنهضته، وأن الله تعالى قد اختارها له، في خطبته العظيمة في مكة المكرمة، حين عزم على الخروج منها متوجهاً إلى العراق. حيث قال فيها في جملة ما قال:
((خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة. وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف. وخِيرَ لي مصرع أنا لاقيه. كأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلاة بين النواويس وكربلا... لا محيص عن يوم خط بالقلم. رضا الله رضانا أهل البيت. نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين... من كان فينا باذلاً مهجته وموطناً على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا، فإني راحلة مصبحاً إن شاء الله تعالى))[4].
كما يأتي عنه (عليه السلام) أنه رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأمره بأمر هو ماض فيه، كان له أو عليه. بل أنه (صلى الله عليه وآله) أخبره في الرؤيا بأنه سوف يقتل.
ويؤيد ذلك أمران:
[1] مقتل الحسين للخوارزمي ج: ١ ص: ۱۷۰ الفصل الثامن في إخبار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الحسين وأحواله.
[2] راجع الفتوح لابن أعثم ج: ٥ ص: ٢٠ ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى الوليد بن عتبة. مقتل الحسين للخوارزمي ج: ۱ ص: ۱۸۷ الفصل التاسع في بيان ما جرى بينه وبين الوليد بن عتبة ومروان بن الحكم بالمدينة في حياة معاوية وبعد وفاته ينابيع المودة ج: ٣ ص: ٥٤. الأمالي للصدوق ص: ۲۱۷. بحار الأنوار ج: ٤٤ ص:313، ۳۲۸، وج:58 ص: ۱۸۲.
[3] مصنف ابن أبي شيبة ج: ٨ ص: ٦٣٢ كتاب الفتن: من كره الخروج في الفتنة وتعوذ عنها. المعجم الكبير ج: ٣ ص: ١٠٥ مسند الحسين بن علي: ذكر مونده وصفته الآحاد والمثاني ج:۱ ص: ۳۰۸. تاریخ دمشق ج: ١٤ ص: 187 - 188 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب. تهذيب الكمال ج: ٦ ص: ٤٠٧ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب. تهذيب التهذيب ج: ۲ ص: ٣٠٠ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب. تاريخ الإسلام ج: ٥ ص: ۱۰۲ في ترجمة الحسين بن علي (رضي الله عنه). إمتاع الأسماع ج: ١٢ ص: ٢٣٦ إنذاره (صلى الله عليه وسلم) بقتل الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما). ترجمة الحسين (عليه السلام) من طبقات ابن سعد ص: ٤٨ ح: ٢٧٤. ذخائر العقبى ص: ١٤٨ ذكر إخبار الملك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقتل الحسين وإيرائه تربة الأرض التي يقتل بها. وغيرها من المصادر الكثيرة.
[4] اللهوف في قتلى الطفوف ص: ۳۸، واللفظ له. مثير الأحزان ص: ۲۰ مقتل الحسين للخوارزمي ج: ٢ ص: 5 - 6. وقد روى الخطبة بسنده عن الإمام زين العابدين (عليه السلام).