الإمام الحسين (عليه السلام) بقية أصحاب الكساء[1]
الأول: أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان بقية أصحاب الكساء (صلوات الله عليهم)، فانقطع بقتله أثرهم، كما تضمن ذلك ما رواه الصدوق بسنده عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال:
قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام): يا ابن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغم وجزع وبكاء، دون اليوم الذي قبض منه رسول الله (صلى الله عليه وآله) واليوم الذي ماتت فيه فاطمة واليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين(عليه السلام) واليوم الذي قتل فيه الحسن(عليه السلام) بالسم؟!
فقال: إن يوم الحسين (عليه السلام) أعظم مصيبة من جميع سائر الأيام، وذلك أن أصحاب الكساء الذي كانوا أكرم الخلق على الله تعالى كانوا خمسة، فلما مضى عنهم النبي (صلى الله عليه وآله) بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فكان فيهم للناس عزاء وسلوة، فلما مضت فاطمة (عليها السلام) كان في أمير المؤمنين والحسن والحسين للناس عزاء وسلوة، فلما مضى منهم أمير المؤمنين (عليه السلام) كان للناس في الحسن والحسين عزاء وسلوة، فلما مضى الحسن (عليه السلام) كان للناس في الحسين (عليه السلام) عزاء وسلوة، فلما قتل الحسين (عليه السلام) لم يكن بقي من أهل الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة، فكان ذهابه كذهاب جميعهم، كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم، فلذلك صار يومه أعظم مصيبة.
قال عبد الله بن الفضل الهاشمي فقلت له يا ابن رسول الله فلِمَ لم يكن للناس في علي بن الحسين عزاء وسلوة مثل ما كان لهم في آبائه(عليهم السلام)؟ فقال: بلى، إن علي بن الحسين كان سيد العابدين، وإماماً وحجةً على الخلق بعد آبائه الماضين، ولكنه لم يلق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يسمع منه، وكان علمه وراثة عن أبيه عن جده عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وكان أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليه السلام) قد شاهدهم الناس مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أحوال في آن يتوالى فكانوا متى نظروا إلى أحد منهم تذكروا حاله مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقول رسول الله له وفيه، فلما مضوا فقد الناس مشاهدة الأكرمين على الله عز وجل، ولم يكن في أحد منهم فقد جميعهم إلا في فقد الحسين(صلى الله عليه وآله)، لأنه مضى آخرهم، فلذلك صار يومه أعظم الأيام مصيبة))[2].
ويناسب ذلك ما تقدم من العقيلة زينب الكبرى (عليها السلام) في حديثها مع الإمام الحسين (صلى الله عليه وآله) ليلة العاشر من قولها: ((اليوم ماتت أمي فاطمة وعلي أبي وحسن أخي. يا خليفة الماضي، وثمال الباقي))[3].
[1] السيد محمد سعيد الحكيم، فاجعة الطف، الطبعة السابعة، 1442هـ-2021م، القسم الأول: ص92.
[2] علل الشرائع ج: ١ ص: ٢٢٥ – ٢٢٦ باب: ١٦٢ العلة التي من أجلها صار يوم عاشوراء أعظم الأيام مصيبة.
[3] تاريخ الطبري ج : ٤ ص : ٣١٩ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة. وتقدمت بقية مصادره عند الكلام في تحلي الإمام الحسين (عليه السلام) بالعاطفة.