قتل الثلة الصالحة من أصحاب الحسين (عليه السلام) معه[1]
الثاني: قتل الثلة الصالحة من أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام)، وفيهم الصحابة، والقرّاء، والمعروفون بالدين والورع والأثر الحميد في الإسلام والمواقف المشرفة فيه (رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم).
وقد قال الإمام الحسين (عليه السلام) لهم ليلة العاشر من المحرم: ((أما بعد فإني لا أعلم أصحاباً أو في ولا أخير من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي))[2].
وقال عمرو بن الحجاج عنهم في المعركة مخاطباً عسكر ابن سعد: ويلكم يا حمقاء مهلاً. أتدرون لمن تقاتلون؟! إنما تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر وقوماً مستميتين...))[3].
وقال حبيب بن مظاهر مخاطباً عسكر ابن سعد واعظاً لهم: ((أما والله لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذرية نبيه (عليه السلام) وعترته وأهل بيته (صلى الله عليه وآله). وعباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار والذاكرين الله كثيراً)). فقال له عزرة بن قيس: ((إنك لتزكي نفسك ما استطعت)). فقال له زهير بن القين: ((يا عزرة إن الله قد زكاها وهداها، فاتق الله يا عزرة، فإني لك من الناصحين. أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضلال على قتل النفوس الزكية))[4] .
وفي حديث غلام عبد الرحمن بن عبد ربه الأنصاري قال: ((فجعل برير يهازل عبد الرحمن، فقال له عبد الرحمن: دعنا فو الله ما هذه بساعة باطل. فقال له برير: والله لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل شاباً ولا كهلاً، ولكن والله إني لمستبشر بما نحن لاقون، والله إن بيننا وبين الحور العين إلا أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم ...))[5].
ولما ذهب كعب بن جابر الأزدي ليحمل على برير قال له عفيف بن زهير بن أبي الأخنس رادعاً له: ((إن هذا برير بن خضير القارئ الذي كان يقرئنا القرآن في المسجد)).
ولما قتله ورجع إلى الكوفة قالت له امرأته أو أخته النوار بنت جابر: ((أعنت على ابن فاطمة، وقتلت سيد القرّاء. لقد أتيت عظيماً من الأمر. والله لا أكلمك من رأسي كلمة أبداً))[6].
ولما حمل عمرو بن الحجاج بأصحابه على أصحاب الحسين(عليه السلام) وصرع مسلم بن عوسجة قال أصحاب عمرو بن الحجاج متبجحين: ((قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدي)). فقال شبث بن ربعي: ((ثكلتكم أمهاتكم ... تفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة. أما والذي أسلمت له لرب موقف له قد رأيته في المسلمين كريم. لقد رأيته يوم سلق آذربايجان قتل ستة من المشركين قبل تتام خيول المسلمين. أفيقتل منكم مثله وتفرحون؟!))[7].
وقال أبو ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدي للإمام الحسين(عليه السلام): ((يا أبا عبد الله نفسي لك الفداء، إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك. ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك إن شاء الله. وأحب أن ألقى ربي وقد صليت هذه الصلاة التي قد دنا وقتها)). فرفع الإمام الحسين (عليه السلام) رأسه، ثم قال: ((ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين. نعم هذا أول وقتها ))[8]... إلى غير ذلك مما يشهد بما ذكرنا من رفيع مقامهم (رضوان الله تعالى عليهم).
[1] السيد محمد سعيد الحكيم، فاجعة الطف، الطبعة السابعة، 1442هـ-2021م، القسم الأول: ص84.
[2] الكامل في التاريخ ج : ٤ ص : ٥٧ أحداث مسنة إحدى وستين من الهجرة: ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)،
واللفظ له تاريخ الطبري ج : ٤ ص : ٣١٧ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة. الفتوح لابن أعثم ج: ٥ ص : ١٠٥ ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي (رضي الله عنه). ينابيع المودة ج: ٣ ص: ٦٥. مقتل الحسين للخوارزمي ج : ١ ص: ٢٤٧ الفصل الحادي عشر. الأمالي للصدوق ص: ٢٢٠ المجلس الثلاثون الإرشاد ج ۲ ص: ۹۱. اللهوف في قتلى الطفوف ص: ٥٥. وغيرها من المصادر.
[3] مقتل الحسين للخوارزمي ج : ٢ ص : ١٥ ، واللفظ له. تاريخ الطبري ج: ٤ ص : ٣٣١ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة. الكامل في التاريخ ج : ٤ ص : ٦٧ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة: ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه). أنساب الأشراف ج: ٣ ص: ٤٠٠ مقتل الحسين بن علي(عليهما السلام). وغيرها من المصادر.
[4] تاريخ الطبري ج: ٤ ص: ٣١٦ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له، الفتوح لابن أعثم ج: ٥ ص: ۱۰۹ ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي(رضي الله عنه).
[5] تاريخ الطبري ج : ٤ ص : ٣٢١ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له الكامل في التاريخ ج : ٤ ص : ٦٠ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة: ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه). البداية والنهاية ج : 8 ص : ١٩٣ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة: صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمة الشأن، وغيرها من المصادر.
[6] تاريخ الطبري ج : ٤ ص : ٣٢٩ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له، وذكر بعضه في الكامل في التاريخ ج: ٤ ص : ٦٧ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة: ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه)، وأنساب الأشراف ج : ٣ ص: ۳۹۹ مقتل الحسين بن علي (عليهما السلام) ، وغيرها من المصادر.
[7] تاريخ الطبري ج : ٤ ص : ٣٣٢ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له. الكامل في التاريخ ج : ٤ ص: ٦٧ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة: ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه).
[8] ) تاريخ الطبري ج : ٤ ص : ٣٣٤ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له الكامل في التاريخ ج : ٤ ص : ٧٠ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة: ذكر مقتل الحسين له. مقتل الحسين(رضي الله عنه) للخوارزمي ج ۲ ص : ۱۷.