المقارنة بين قتله وقتل أمير المؤمنين علي(عليهما السلام)

المقارنة بين قتله وقتل أمير المؤمنين علي(عليهما السلام)[1]

وبذلك يظهر الفرق بينه (عليه السلام) وبين أبيه أمير المؤمنين (سلام الله عليه) فإن جريمة قتل أمير المؤمنين بشخصه وإن كانت أشد من جريمة قتل الإمام الحسين بشخصه، لأنه من أهل المباهلة أيضاً، بل هو أفضل من الإمام الحسين. وقاتله أشقى الآخرين[2]، شقيق عاقر ناقة صالح[3] . إلا أن قتله كان غيلة من خارجي مارق، لا يمثل خلافة وإمامة معترفاً بشرعيتها حسب الضوابط التي أقرها عامة المسلمين. وجروا عليها في عهودهم الطويلة.

كما أن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قد تعرض لمحاولة التغلب عليه ولو أدى ذلك لقتله في حرب الجمل التي قادها ثلاثة من المهاجرين الأولين وفي حرب صفين التي قادها صحابي يدين مشهور عامة المسلمين من عهد طويل باحترامه وموالاته. وهما أقرب لعصر النبي (صلى الله عليه وآله) من واقعة الطف. إلا أن الحربين معاً لا يعترف عامة المسلمين بشرعيتهما وفق الضوابط التي ارتضوها لأنفسهم، بخلاف واقعة الطف.

وبهذا ظهر أن محنتي أمير المؤمنين والإمام الحسين (عليهما السلام) وإن اشتركتا في كونهما مظهراً لتدهور المسلمين عملياً، وابتعادهم في سلوكهم عن مبادئ الإسلام الرفيعة وتعاليمه القويمة، إلا أن محنة الإمام الحسين (عليه السلام) في مأساة الطف تتميز بكونها شاهداً على تدهور المسلمين - زائداً على ذلك - في الجانب التشريعي للخلافة والإمامة الإسلامية عند جمهور المسلمين.

وسوف يأتي عند الكلام على تأكيد السلطة على أهمية الإمامة والطاعة للإمام ولزوم جماعته كثير من الشواهد على ذلك فيما يتعلق بواقعة الطف نفسها.

وهذه هي النتيجة الطبيعية للانحراف، فإنه كلما امتد الزمن زاد اتجاهه ابتعاداً عن اتجاه الصراط المستقيم، كما لعله ظاهر.

وكأن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) قد أشار لذلك بحسرة في قوله: ((ولا كيوم الحسين، ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الأمة، كل يتقرب إلى الله عز وجل بدمه، وهو بالله يذكرهم فلا يتعظون حتى قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً))[4]. وإنا لله وإنا إليه راجعون. هذا ما يتعلق بجريمة قتل الإمام الحسين (عليه السلام) بشخصه.

وقد أضيف إلى هذه الجريمة النكراء جرائم وانتهاكات زادت في مأساوية الفاجعة:

 


[1] السيد محمد سعيد الحكيم، فاجعة الطف، الطبعة السابعة، 1442هـ-2021م، القسم الأول: ص78.

[2] طبقات ابن سعد ج : ٣ ص : ٣٥ في ذكره لعبد الرحمن بن ملجم وبيعته الأمير المؤمنين ورده(عليه السلام) له مرتين. الإمامة والسياسة ج : ۱ ص: ۱۳۹ في تتمة ذكره المقتل أمير المؤمنين(عليه السلام). فتح الباري ج : ٧ ص : ٦٠ في باب مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) . الاستيعاب ج : ٣ ص : ١١٢٥ في ترجمته لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) . وغيرها من المصادر الكثيرة جداً.

[3] كمال الدين وتمام النعمة ج : ١ ص : ٣٢٦. عيون أخبار الرضا(عليه السلام)  ج : ٢ ص : ٢٢٦. بحار الأنوار ج : ۲۷ ص : ٥٢ . وغيرها من المصادر.

[4] بحار الأنوار ج : ٤٤ ص : ٢٩٨.