عن أبي جعفر(عليه السلام) عن جابر بن عبد الله قال: قيل يا رسول الله إنك تلثم فاطمة وتلزمها وتدنيها منك ...؟ فقال(صلى الله عليه وآله): (إن جبرائيل أتاني بتفاحة من تفاح الجنة فأكلتها فتحولت ماءً في صلبي ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة فأنا أشم منها رائحة الجنة)[1].
ولا زالت تَحُفُّها هالة من المعاجز الخارقة، وهي في بطن أمها تكبر ساعة بعد ساعة حتى أنها كانت تحدِّث أُمها وهي في بطنها، فتؤنسها بذلك، حتى وُلدت(عليها السلام) .
وفي حديث طويل عن الإمام الصادق (عليه السلام): (... فدخل رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوماً وسمع خديجة تُحدِّث فاطمة فقال لها: يا خديجة، من يحدّثك؟ قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني، فقال لها: هذا جبرائيل يبشِّرني أنها أنثى، وأنها النسمة الطاهرة الميمونة، وأن الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمة في الأمة)[2].
وعن السيدة خديجة (عليها السلام)، قالت: (لما حملت بفاطمة حملت حملاً خفيفاً وكانت تحدّثني في بطني، فلما قربت ولادتها دخل عليّ أربع نسوة عليهنَّ من الجمال والنور ما لا يوصف، فقالت إحداهن: أنا أمُّك حواء وقالت الأخرى: أنا آسية بنت مزاحم، وقالت الأخرى: أنا كلثم أخت موسى وقالت الأخرى: أنا مريم بنت عمران أم عيسى، جئنا لِنَلِيَ من أمرك ما تلي النساء، فولدتُ فاطمة فوقعت على الأرض ساجدة رافعة أصبعها)[3].
وعن ابن عبّاس: (وكانت خديجة إذا ولدت ولداً دفعته لمن يرضعه فلما ولدت فاطمة لم ترضعها أحد غيرها)[4].وفي ظلال أبيها رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبين أحضان أمها الطاهرة، خديجة بنت خويلد بن أسد، وُلِدت فاطمة الزهراء(عليها السلام) في مكة المكرمة.
تاريخ الولادة:
اختلف محدثو ومؤرخو الفريقين في تاريخ ولادة الزهراء (عليها السلام) ، والمشهور بين علماء الإمامية أنّه في يوم الجمعة العشرين من شهر جمادى الآخرة من السنة الخامسة بعد البعثة النبوية، وعمدتهم في ذلك ما روي عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فقد روي بالإسناد عن حبيب السجستاني، قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول: (ولدت فاطمة بنت محمد(صلى الله عليه وآله) بعد مبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخمس سنين)[5].
وعن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (ولدت فاطمة في جمادىٰ الآخرة يوم العشرين منه، سنة خمس وأربعين من مولد النبي(صلى الله عليه وآله))[6].
لقد أثمرت شجرة النبوة، وأَذِن الله تعالى لدوحة الرسول(صلى الله عليه وآله) أن تمتد فروعها، وتستطيل آفاقها بميلاد فاطمة (عليها السلام) في أجيال هذه الأمة، لقد ولدت فاطمة(عليها السلام) ، وهي تحمل روح رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وصفاته، وأخلاقه، فكانت الوارث والشبيه، إذ لم يكن في الدنيا أحد يماثل الرسول(صلى الله عليه وآله) في صفته وشمائله كفاطمة (عليها السلام) .
ولقد لفتت هذه العلاقة والرابطة بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابنته فاطمة (عليها السلام) أنظار الذين عايشوها، فتحدثوا عن ذلك الشَبَه، وكرروا القول فيه، فهذه زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) عائشة تتحدث عن هذه العلاقة والرابطة الجسدية والروحية والأخلاقية بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابنته فاطمة(عليها السلام) فتقول: (ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله (صلى الله عليه وآله) في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكانت إذا دخلت على النبي(صلى الله عليه وآله) قام إليها فقبّلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبيّ(صلى الله عليه وآله) إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبّلته وأجلسته في مجلسها... ) [7] لقد ملأت فاطمة الزهراء (عليها السلام) بيت الأبوين رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وزوجته خديجة (عليها السلام) بالبهجة والسرور، فهي ملتقى الحب بينهما، وثمرة العلاقة الودية في حياتهما، وفرع النبوة الشامخ، وظله المستطيل، ومستودع نور النبوة المتقلب في أصلاب الساجدين، فحقَّ لهذا البيت أن يزهو بمناغاة فاطمة(عليها السلام) ، ويمتلئ سروراً بابتساماتها المشرقة.