خطبة الإمام الحسن (عليه السلام)

وقد أوضح ذلك الإمام الحسن (صلوات الله عليه) في خطبته لأصحابه التي رواها ابن الأثير بسنده عن ابن دريد. وفيها: ((إنا والله ما ثنانا عن أهل الشام شك ولا ندم. وإنا كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر، فسلبت السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع. وكنتم في منتدبكم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم، فأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم. ألا وإنا لكم كما كنا، ولستم لنا كما كنتم. ألا وقد أصبحتم بين قتيلين: قتيل بصفين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون ثاره. فأما الباقي فخاذل وأما الباكي فثائر. ألا وإن معاوية دعانا إلى أمر ليس فيه عز ولا نصفة. فإن أردتم الموت رددناه عليه، وحاكمناه إلى الله عز وجل بظبا السيوف، وإن أردتم الحياة قبلناه، وأخذنا لكم الرضا)). قال: ((فناداه القوم من كل جانب البقية البقية. فلما أفردوه أمضى الصلح))[1].

 وقد روى هذه الخطبة الديلمي بتغيير يسير، وفيه: ((فأما الباكي فخاذل وأما الطالب فثائر))[2].

وفي كتاب له (عليه السلام) إلى معاوية: ((أما بعد فإن خطبي انتهى إلى اليأس من حق أحييه وباطل أميته، وخطبك خطب من انتهى إلى مراده. وإنني أعتزل هذا الأمر وأخليه لك. وإن كان تخليتي إياه شراً لك في معادك. ولي شروط أشرطها...))[3]. ويأتي منه (عليه السلام) كلام آخر يناسب ذلك. ونحوهما غيرهما. وإن كان الأمر أظهر من ذلك.

 

 


[1] أسد الغابة ج: ۲ ص: ۱۳ في ترجمة الحسن بن علي بن أبي طالب، واللفظ له. سير أعلام النبلاء ج: ٣ ص: ٢٦٩ في ترجمة الحسن بن علي بن أبي طالب. الكامل في التاريخ ج: ٣ ص: ٤٠٦ أحداث سنة إحدى وأربعين من الهجرة ذكر تسليم احسن بن علي الخلافة إلى معاوية. وغيرها من المصادر.

[2] أعلام الدين ص: ۲۹۲-۲۹۳.

[3] علل الشرائع ج:۱ ص: ٢٢١ باب: ١٦٠.