الذي يتراءى لنا أن إصرار الإمام الحسن (صلوات الله عليه) على حرب معاوية وثباته عليها حتى النهاية، إن كان من أجل الانتصار والحفاظ على استقامة مسار السلطة في الإسلام، فالنظرة الموضوعية لظروف الصراع بين الإمام ومعاوية تشهد بتعذر انتصار الإمام (عليه السلام) عسكرياً.
وذلك لتصاعد قوة معاوية وطغيانها، ووهن أهل العراق بعد التحكيم الذي أشعرهم بالخيبة، وسبب لكثير منهم الإحباط.
ولاسيما بعد انشقاقهم على أنفسهم في فتنة الخوارج وحربهم معهم، وما تسبب عن ذلك أو قارنه من ظهور الأحقاد بينهم، ومللهم من الحرب، وضعف بصائر كثير منهم، وانفتاح عيون جماعة من رؤسائهم على الدنيا، وانخداعهم بالمغريات التي كانوا ينتظرونها من معاوية، ولا يتوقعون شيئاً منها من الإمام الحسن (عليه السلام)، نتيجة مبدئيته، وسيره على نهج أبيه (صلوات الله عليه) ... إلى غير ذلك.
وإذا كان في معسكر الإمام ( صلوات الله عليه ) جماعة - من ذوي البصائر والإصرار على المضي في الحرب - قد ظهر منهم التبرم من موقف الإمام (عليه السلام)، كما يأتي من بعضهم، فذلك منهم ناشئ عن قوة بصيرتهم في حقهم وفي باطل معاوية، وشدة إبائهم للضيم، بحيث فقدوا النظرة الموضوعية لواقع القوتين المتصارعتين، والموازنة بينهما، وملاحظة نتائج الحرب، وتأثيرها على الدعوة الحقة، على الأمد القريب والبعيد.