المقام الثاني
في النتائج
سبق أن أشرنا إلى أن تجربة أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه) في السلطة كشفت عن تعذر إصلاح المجتمع الإسلامي بإقامة حكم يطبق الإسلام عملياً بنحو كامل.
لكن اهتمام شيعة أهل البيت (صلوات الله عليهم) والموالين لهم في الكوفة بالإصلاح، ومعاناتهم من الفساد، وشعورهم بالتقصير آنفاً إزاء أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام ) كل ذلك جعلهم يستسهلون الصعاب في سبيل الإصلاح المذكور، وأفقدهم النظرة الموضوعية في الموازنة بين قوى الخير والشر، وفي التمييز بين ذوي المبادئ والتصميم حتى النفس الأخير، وغيرهم ممن ينهار إذا جدّ الجدّ وضاقت الأمور، أو يكون انتهازياً في مواقفه من أول الأمر.
وقد جعلهم ذلك يترددون على الإمامين الحسن والحسين (صلوات الله عليهما) في عهد معاوية يحاولون حملهما على الخروج عليه. لكنهما (عليهما السلام) لم يستجيبا لهم، لعدم تحقق الظرف المناسب، على ما يأتي التعرض له إن شاء الله تعالى.
حتى إذا انتهى عهد معاوية تخيلوا إمكان تحقيق حلمهم في الإصلاح، فاندفعوا في سبيل ذلك، وتحملوا مسؤولية تعهدهم للإمام الحسين (صلوات الله عليه)، وحملهم له على تلك النهضة المقدسة، وتبعات تقصيرهم في حقه، والعدوان الذي حصل عليه وعلى من معه.
وإذا كان الإمام الحسين (صلوات الله عليه) قد استجاب لهم من أجل التضحية لصالح الدين - كما أوضحناه فيما سبق - فإن ذلك لم يكن هو مشروعهم الذي تحركوا من أجله، بل حاولوا إقامة حكم إسلامي أصيل يطبق الإسلام عملياً بالوجه الكامل، وكان عاقبة أمرهم الفشل الذريع .