الأمر الرابع: أنه قد تختلف وجهات النظر حول بعض الممارسات، إما للاختلاف في الحكم الشرعي اجتهاداً أو تقليداً، أو للاختلاف في حصول ما يؤكد رجحانها ويقتضي التشبث بها، أو يوجب مرجوحيتها ويقتضي الإعراض عنها من العناوين الثانوية.
واللازم حينئذ على كل طرف من أطراف الخلاف الاقتصار على بيان وجهة نظره، أو محاولة الإقناع به بالتي هي أحسن، كما حثّ الشارع على ذلك في سائر موارد الخلاف.
ولا ينبغي تجاوز ذلك إلى إرغام الغير على تقبل وجهة نظره، أو الصراع الحاد والتشجنات، أو التهريج والتشنيع والتوهين... إلى غير ذلك مما يؤدي إلى انشقاق الطائفة على نفسها، وتمزيق وحدتها، ووهنها أمام الآخرين، وشماتة الأعداء بها. بل قد يؤدي إلى الإحراج في اتخاذ المواقف والتعامل مع الآخرين.
كما يؤدي إلى هدر كثير من الطاقات المادية والمعنوية من أجل انتصار كل طرف لوجهة نظره، بدلاً من صرف تلك الطاقات لصالح هذه الطائفة المتعبة، وخدمة مشتركاتها، وتخفيف محنتها.
وما دامت الطائفة في وضعها الحالي تفقد الرعاية الظاهرة من الإمام المعصوم (صلوات الله عليه، وعجّل فرجه)، ولا يتيسر لها تحكيمه في خلافاتها، فلا يحق لأي شخص فرض وجهة نظره على غيره، أو التعدي عليه مادياً أو معنوياً، لعدم قناعته برأيه وانصياعه له.