أهمية الممارسات الصارخة

الأمر الثاني: إن للممارسات الصارخة التي تلفت الأنظار، والتي يقوم بها كثير من جمهور الشيعة وعامتهم، ويتحملون عناءها وجهدها، أعظم الأثر في إحياء فاجعة الطف وانتشارها على الصعيد العام.

لأنها الأخرى بإظهار عواطف الجمهور نحو الفاجعة، وتفاعلهم بها، وتجذرها في أعماقهم، واستنكارهم للظلم الذي تعرض له الإمام الحسين وأهل البيت (صلوات الله عليهم) عموماً، كما تعرض له شيعتهم تبعاً لهم على امتداد التاريخ.

كما أن هذه الممارسات هي الأخرى بإلفات نظر الآخرين وتنبيههم للحدث، وحملهم على السؤال والاستفسار عن حقيقته، والتعرف على خصوصياته وتفاصيله، ثم التجاوب مع الشيعة واحترام شعورهم، والتفاعل معهم أو مشاركتهم في آخر الأمر. بل الدخول في حوزتهم والانتماء لخطهم في ظل ولاية أهل البيت (صلوات الله عليهم).

وها نحن نرى هذه الأيام أثر هذه الممارسات في إلفات نظر العالم وتوجيه وسائل الإعلام المختلفة نحو الفاجعة في مواسمها المشهودة.

وذلك يفسر ما سبق في حديث معاوية بن وهب من دعاء الإمام الصادق (عليه السلام) لزوّار الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، وقوله: ((اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم بخروجهم، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا، خلافاً منهم على من خالفنا. فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تتقلب على حضرة أبي عبد الله (عليه السلام)، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا...))[1].

نعم لا بد أن ينضم إلى تلك الممارسات بعض الممارسات الهادئة، كقراءة المقتل الفجيع، ومجالس العزاء الشارحة لظروف الفاجعة وأهدافها، والكتب أو النشرات المتحدثة عنها بإسهاب أو إيجاز، تبعاً لاختلاف الظروف والمناسبات.

كل ذلك من أجل التثقيف العام، والتعريف بالحدث، والتذكير به، واستيعاب مفرداته ومقارناته التي تزيد في وقعه، والتفاعل به.

 


[1] كامل الزيارات ص: ۲۲۸، ۲۲۹. وتقدم بتمامه مع بقية مصادره عند الكلام في موقف الأئمة من ذرية الإمام الحسين (عليه السلام) وتأكيدهم على زيارته (عليه السلام).