ومن هنا يتضح شدّة تعقد الأمور عليه(صلى الله عليه وآله)، حيث لا ينسجم موقف الوحي الإلهي مع تعقدات المجتمع الإسلامي الناشئ التي سبق إيضاحها.
وقد حاولوا التشكيك بعصمته، حتى قال عبد الله بن عمرو بن العاص: ((كنت أكتب كل شيء سمعته من رسول الله ﷺ أريد حفظه. فنهتني قريش، وقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله ﷺ، ورسول الله ﷺ بشر في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة. فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ، فقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق))[1].
ومن أجل هذا أنه لما أوحي إليه (صلى الله عليه وآله) بتعيين أمير المؤمنين (عليه السلام) خليفة له وإعلان ولايته استمهل، وطلب من الله تعالى العصمة من الناس، بحيث لا يطعن في شخصه الكريم، فنزل قوله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبَّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)[2].
وقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله) كثيراً التأكيد على أنه في تنويهه بمقام أهل بيته لا يحابي قرابة، بل يتبع الوحي. حيث يكشف ذلك عن توقع رميه من قبل الحاسدين والمنافقين بالانحياز العاطفي لأهل بيته (عليهم السلام).