صلوح شعب الجزيرة العربية لنشر الإسلام

وكان هذا فتحاً عظيماً في تلك المدة القصيرة، ومكسباً مهماً، لأن العرب في الجزيرة كانوا شعباً كثير العدد، بعيداً عن الحضارة والرفاه والدعة، وكانوا في ضنك من العيش، لم يخلدوا إلى الراحة، ولم يألفوا الترف.

كما قالت الصديقة الزهراء (عليها السلام) في خطبتها الكبرى: ((وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام. تشربون الطرق، وتقتاتون القد))[1]. وهم أيضاً قد ألفوا القتال والصراع وكانت الحروب مستمرة بينهم.

ومن الطبيعي حينئذٍ أنهم إذا اتحدوا وجمعتهم دعوة الإسلام القويمة، ورفعت من معنوياتهم، يستطيعون - ولو بضميمة المدّ الإلهي - أن يحملوا الإسلام للشعوب المحيطة بهم، ويوصلوا دعوته إليها وينشروها بينها ولو أدى ذلك للحروب والقتال.

ومن الظاهر أن إيصال دعوة الإسلام للشعوب وإسماعهم إياها من تتمة التبليغ بالإسلام، وقد تقدم أنه الوظيفة الأهم للنبي (صلى الله عليه وآله)، وأنه المقدم على كل شيء. فلابد من أن يعدّ له عدته، ويهيئ له مقدماته بمحافظته على تماسك المجتمع الإسلامي المذكور.

 


[1] الاحتجاج ج: ١ ص: ١٣٥ في ذكر ما احتجت به فاطمة (عليها السلام) على أبي بكر. راجع بقية مصادر الخطبة في تتمة الملحق الأول من هذا الكتاب.