الثاني: أنه (صلى الله عليه وآله) لا يمتاز عن بقية الأنبياء (عليهم السلام) بأن شريعته خاتمة الشرائع، فلابد من أن يكون التبليغ بها بحيث يصل إلى الناس كلهم مهما امتد بهم الزمن وتعاقبت الأجيال، بحيث يؤمن عليها من الضياع.
وقد حصل ذلك منه (صلى الله عليه وآله) فعلاً بوجه ملفت للنظر، كما يتضح بأدنى نظرة موضوعية في أدلة مذهب أهل البيت (صلوات الله عليهم) وحججه.
ويتجلى ذلك حين نرى المستبصرين - مهما امتدّ بهم الزمن وتعاقبت الأجيال - يفاجَؤون بوضوح الحقيقة، وقوة أدلتها، بل قد يشعرون بالغبن والغباء لغفلتهم عنها قبل استبصارهم.
كما أنهم يدركون إجرام علماء السوء وغيرهم ممن كان يحاول التعتيم عليها، وإغفال عامة المسلمين عنها، وتشويه واقعها، بحيث ينصرفون عن التعرف عليها وعن النظر في أدلتها.
ولذا يتميز شيعة أهل البيت عن غيرهم بالانفتاح والدعوة للنظر في الأدلة والبحث عن الحقيقة بموضوعية وإنصاف، بعيداً عن التعصب، بينما يجد الآخرون في الانغلاق والنهي عن الفحص والتحذير من التعرف على الشيعة والاطلاع على واقع دعوتهم، فضلاً عن النظر في أدلتهم وثقافتهم. كل ذلك لثقة الشيعة بأنفسهم وقوة أدلتهم، بخلاف الآخرين.
ولم يحصل ذلك إلا بسبب جهود النبي (صلى الله عليه وآله) المكثفة في التبليغ، وبُعد نظره للمستقبل، وإحكام تخطيطه له، ولو بتسديد الله عز وجل له في ذلك.