وفي ختام الحديث عما كسبه التشيع من فاجعة الطف من حيثية الاستدلال والبرهان يحسن التنبيه لأمر له أهميته في ذلك.
وهو أن الإمام الحسين (صلوات الله عليه) بما له من مقام رفيع عند جمهور المسلمين قد خرج على نظام الخلافة عند الجمهور.
وإذا كان الجمهور قد تجاهلوا تلكؤ أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) عن بيعة أبي بكر، بل إنكاره عليها، وحاولوا تكلف توجيه موقفه (عليه السلام) بما ينسجم مع شرعيتها وشرعية النظام المذكور.
وتجاهلوا أيضاً موقف الصديقة فاطمة الزهراء سيدة النساء (صلوات الله عليها) حيث ماتت مهاجرة لأبي بكر غير معترفة بخلافته، مع ما هو المعلوم من وجوب معرفة الإمام والبيعة له، وأن من مات ولم يعرف إمام زمانه ولم يبايعه ويقر له بالطاعة مات ميتة جاهلية.
فمن الظاهر أنه لا يسعهم تجاهل موقف الإمام الحسين (صلوات الله عليه) من بيعة يزيد ورفضه لها وخروجه عليها، وإصراره على موقفه حتى انتهى الأمر بفاجعة الطف بأبعادها وتداعياتها السابقة.
وحينئذٍ يدور الأمر عقلياً بين الالتزام بعدم شرعية بيعة يزيد، لعدم شرعية النظام الذي ابتنت عليه، وهو السبق للبيعة ولو بالقوة، كما عليه الجمهور، ويرفضه الشيعة جملة وتفصيلاً، أو الالتزام بعدم شرعية خروج الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وكونه باغياً يجوز، بل يجب قتاله، كما جرى عليه يزيد ومن هو على خطه من المغرقين في النصب.
وليس بعد هذين الوجهين إلا الحيرة والتذبذب أو الهرب من الحساب، كما قد يبدو من عامة الجمهور. وكفى بهذا مكسباً للتشيع ببركة فاجعة الطف.
ويأتي في المقام الثاني ما يتعلق بذلك وينفع فيه.