ومثل ذلك ما قد يقال من أن فاجعة الطف - بتداعياتها التي يأتي التعرض لها - قد أضعفت الدولة العربية، أو الدولة الإسلامية، بسبب اهتزاز الكيان العربي والإسلامي، وظهور الانقسامات والشروخ فيه.
ولعل ذلك هو الذي يحمل كثيراً من الباحثين على التململ من نهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، أو نقدها، أو التهجم عليها.
فإنه يندفع بوجهين:
الدولة بتركيبتها معرضة للضعف والانهيار
الأول: أن مثل هذه الدولة المبنية على الاستغلال والظلم والجبروت والقهر، وعلى عدم الانضباط في نظام الحكم، معرضة للصراع والضعف والانهيار، كما انهارت الدول بمرور الزمن مهما كانت قوتها.
ولأن يكون الصراع داخل الدولة بين الحق والباطل، وتمتاز إحدى الفئتين عن الأخرى، وتنشط دعوة الحق ويسمع صوتها، خير من ضياع الحق وموته بمرور الزمن، ثم يكون الصراع بعد ذلك بين فئات الباطل المختلفة من أجل الاستيلاء على السلطة من دون هدف ديني أو إنساني نبيل.
لا أهمية للدولة العربية في منظور الإسلام
الثاني: أن كون الدولة عربية لا أهمية له في منظور الدين الإسلامي العظيم، بل لا يخرج ذلك عن منظور جاهلي حاربه الإسلام، وشدد في الإنكار عليه، ونبذه.
وهو عدوان في حقيقته على الإسلام، الذي قام عليه كيان الدولة، وسرقة منه. فإن كون العرب هم الحاكمين في تلك الفترة باسم الإسلام شيء، وكون الدولة عربية شيء آخر.
فهو نظير ما ينسب لبعض الأمويين من قوله عن سواد العراق: ((إنما هذا السواد بستان لأغيلمة من قريش))[1]. وما ينسب للتعاليم اليهودية المحرفة من أن الدين اليهودي مخصص لصالح بني إسرائيل ويقر امتيازاتهم على بقية الشعوب.
[1] الطبقات الكبرى ج: ٥ ص: ٣٢ في ترجمة سعيد بن العاص، واللفظ له. تاريخ دمشق ج: ۲۱ ص: ١١٤، ۱۱٥ في ترجمة سعيد بن العاص تاريخ الإسلام ج: ٣ ص: ٤٣١ أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة: مقتل عثمان، ونحوه في تاريخ الطبري ج: ٣ ص: ٣٦٥ أحداث سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة: ذكر تسيير عثمان من سير من أهل الكوفة إلى الشام، والكامل في التاريخ ج: ٣ ص: ١٣٩ أحداث سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة: ذكر تسيير عثمان من سير من أهل الكوفة إلى الشام وتاریخ ابن خلدون ج: ٢ ق: ٢ ص: ١٤٠، وشرح نهج البلاغة ج ۳ ص: ۲۱، وغيرها من المصادر.