على أنه بعد أن لم يتفق المسلمون على التمسك بأهل البيت (صلوات الله عليهم) ليعتصموا بهم من الخلاف والضلال، وانحراف مسار السلطة، فالإسلام - كسائر الأديان - معرض للخلاف والانشقاق، تبعاً لاختلاف الاجتهادات والآراء والمصالح والمطامع التي لا تقف عن حدّ.
ولأَن يكون الخلاف بين حق واضح المعالم ظاهر الحجة، وباطل مفضوح يعتمد على السلطة والقوة - كالذي حصل نتيجة جهود أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم، وفي قمتها نهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) التي ختمت بفاجعة الطف - خير من أن تضيع معالم الحق، ثم يكون الصراع بين القوى المختلفة من أجل تثبيت مواقعها، وتحقيق أهدافها، من دون هدى من الله عز وجل، ولا بصيرة في دينه، ومن دون مكسب للدين.
بل يأتي إن شاء الله تعالى أن لفاجعة الطف أعظم الأثر في بقاء معالم الدين، وكانت نتيجة ذلك أن اتفق المسلمون بكيانهم العام على مشتركات كثيرة تحفظ للدين صورته ووحدته، ويكون الخارج عنها معزولاً عن الكيان الإسلامي العام، بحيث قد يصل حدّ التكفير والخروج عن الدين. ولولا ذلك لانتشر الأمر واتسعت شقة الخلاف من دون حدود ولا ضوابط.