موقف الشيعة من الأولين يحول دون تفاعل الجمهور معهم

كما أنه لم يحمل لواء الإنكار على الأمويين وعلى تحريفهم للدين - بعد الخوارج - إلا الشيعة. وهم وإن كانوا قد فرضوا احترامهم بأشخاصهم على المسلمين، لما عرفوا به من التقوى والعلم وصدق اللهجة، حتى أخذ الجمهور بروايات محدثيهم في الصدر الأول مع علمهم بتشيعهم ومخالفتهم لهم[1]. وروي عن سفيان الثوري قوله: ((هل أدركت خيار الناس إلا الشيعة؟))[2].

وفي صحيح زيد الشحام عن الإمام الصادق (صلوات الله عليه) في وصيته لشيعته: ((أوصيكم بتقوى الله عز وجل والورع في دينكم والاجتهاد الله وصدق الحديث وأداء الأمانة ... فوالله الحدثني أبي (عليه السلام) أن الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي (عليه السلام) فيكون زينها آداهم للأمانة، وأقضاهم للحقوق، وأصدقهم للحديث. إليه وصاياهم وودائعهم. تسأل العشيرة عنه فتقول: من مثل فلان؟! إنه لآدانا للأمانة وأصدقنا للحديث))[3]... إلى غير ذلك.

إلا أن من المعلوم أن الشيعة قد تعرضوا لشتى صروف التنكيل المشار إليها آنفاً فلا يسهل إيصال إنكارهم للجمهور وتعميم دعوتهم.

مع أنهم يصطدمون مبدئياً بشرعية خلافة الأولين، ويتبنون نقد مواقفهم ومواقف من كان على خطهم، مع ما لبعض أولئك من مكانة في نفوس جمهور المسلمين قد تبلغ حدّ التقديس.

وذلك يكون حاجزاً دون السماع من الشيعة والتفاعل بحديثهم. خصوصاً إذا بايع إمامهم الحسين (صلوات الله عليه) وغيره من ذوي المكانة في المجتمع الإسلامي.

 


[1] راجع كتاب المراجعات ص: ١٠٤-١٩٤ المراجعة: ١٦.

[2] مقاتل الطالبيين ص: 195 من خرج مع محمد بن عبد الله من أهل العلم.

[3] الكافي ج: ٢ ص: ٦٣٦ باب ما يجب من المعاشرة حديث: ٥. وسائل الشيعة ج: ۸ ص: 398 - 399 باب: 1 من أبواب أحكام العشرة حديث: ٢.