وكأن المغيرة بن شعبة قد أدرك ذلك. فقد بلغه أن معاوية يريد عزله عن ولاية الكوفة، فأراد أن يستميله كي يبقيه في ولايته ولا يعزله، فأشار عليه بولاية العهد ليزيد، فقال له معاوية: ((ومن لي بهذا؟)) فقال: ((أكفيك أهل الكوفة، ويكفيك زياد أهل البصرة. وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك))، فقال له معاوية: ((فارجع إلى عملك، وتحدث مع من تثق إليه في ذلك، وترى، ونرى)).
فودعه ورجع إلى أصحابه، فقال: ((لقد وضعت رجل معاوية في غرز بعيد الغاية [الغي] على أمة محمد، وفتقت عليهم فتقاً لا يرتق أبداً)) [1].
وهو المناسب لما عن الرحبي قال: ((قال معاوية ليزيد ما ألقى الله بشيء أعظم في نفسي من استخلافك))[2].
وإن النظرة الموضوعية للواقع الذي حصل بتفاصيله وتداعياته تشهد بصحة هذا التقييم لبيعة يزيد، وللنتائج المتوقعة عليها.
[1] الكامل في التاريخ ج ٣ ص: ٥٠٤ أحداث سنة ست وخمسين من الهجرة: ذكر البيعة ليزيد بولاية العهد، واللفظ له. النصائح الكافية ص: ٦٤. وقريب منه في سير أعلام النبلاء ج: ٤ ص: ٣٩ في ترجمة يزيد بن معاوية، وتاريخ الإسلام ج: ٥ ص: ۲۷۲ في ترجمة يزيد بن معاوية، وتاريخ دمشق ج: ۳۰ ص ۲۸۷ في ترجمة أبي بكر الصديق، وج: ٦٥ ص: ٤١٠ في ترجمة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وتاريخ اليعقوبي ج: ۲ ص: ۲۲۰ أيام معاوية بن أبي سفيان. وغيرها من المصادر.
[2] أنساب الأشراف ج: ٥ ص: ٦٦ في أمر معاوية بن أبي سفيان.