تراجع المنصور وتقديمه للشيخين

إلا أن المنصور الدوانيقي - الذي اشتدّ في القسوة مع العلويين - هو أول من تراجع منهم عن ذلك، فأقرّ خلافة الشيخين وتقديمهما. وإن كان ذلك لا يتناسب مع أسس الدعوة العباسية، كما هو ظاهر.

ويبدو أن إقدام المنصور على ذلك ليس من أجل ضغط الجمهور، لقوة ولائهم للأولين، بل من أجل ثورات الحسنيين، بحجة أنهم الأقرب للنبي(صلى الله عليه وآله)، وأنهم من ذرية أمير المؤمنين الله الذي هو أول الخلفاء من الهاشميين، وظهور دعوى النص القاضي بإمامة خصوص أهل البيت من بني هاشم، وغير ذلك.

فرأى المنصور أنه بتقديم الشيخين، وإقرار خلافتهما، والتركيز على تقديسهما - كما صنع معاوية - يحيي دعوة الخط الموالي لهما، ويستقطبها، لتقف في وجه العلويين. كما تقف حجر عثرة أمام دعوى النص المذكور، فقد قال: ((والله لأرغمن أنفي وأنوفهم وأرفع عليهم بني تيم وعدي))[1].

وبذلك تأكدت شرعية خلافة الشيخين واحترامهما وتقديسهما. وبدأ عهد تدوين السنة النبوية على الصعيد العام، وظهرت المقالات والفرق. واشتد الضغط على أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم)، وعلى الطالبيين عموماً، وعلى شيعتهم من قبل السلطة العباسية.

 


[1] منهاج الكرامة ص: ٦٩، واللفظ له الصراط المستقيم ج: ٣ ص: ٢٠٤.