نعم، لا يبعد أن تكون غلواء التقديس للشيخين قد خفّت في أواخر العهد الأموي، لأن ظلم الأمويين وطغيانهم وسوء سلطانهم، واستهتارهم بالدين والقيم، كل ذلك بغّضهم للناس، وكان سبباً في تخفيف احترام المبادئ التي يتبنونها، ومنها هذا التقديس الذي أكدوا عليه.
كما أن ظلمهم لأهل البيت (صلوات الله عليهم) ولشيعتهم أوجب تعاطف الناس معهم، وسماعهم منهم، وتفاعلهم بوجهة نظرهم.
ولذا ظهر جماعة من العلماء والرواة في هذه الفترة ممن يحترمهم الجمهور - في الجملة - يعرفون بالتشيع. بل قد ينسب الجماعة منهم النيل من الصحابة. ولبعضهم القدح بالشيخين خاصة.
قال أحمد بن يونس: ((رأيت زهير بن معاوية جاء إلى زائدة فكلمه في رجل يحدثه، فقال: أمن أهل السنة هو؟ قال: ما أعرفه ببدعة. فقال: من أهل السنة هو؟ فقال زهير: متى كان الناس هكذا؟! فقال زائدة متى كان الناس يشتمون أبا بكر وعمر(رض)؟)) [1].
وقد ذكرنا جماعة منهم في جواب السؤال الثاني من الجزء الأول من كتابنا (في رحاب العقيدة).
[1] سير أعلام النبلاء ج: ۷ ص: ۳۷۷. في ترجمة زائدة بن قدامة، واللفظ له. تهذيب التهذيب ج: ٣ ص: ٢٦٤ في ترجمة زائدة بن قدامة.