دعم العقل والدليل لخط أهل البيت (عليهم السلام)

الأول: العقل والبرهان. حيث يملك الدليل الكافي على إثبات حقهم (عليهم السلام). وقد نبّه أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) الناس إلى ذلك في فترة حكمه القصيرة.

ومن الأحاديث المهمة التي ذكرها (عليه السلام) حديث الدار عند إنذار النبي (صلى الله عليه وآله) عشيرته الأقربين في بدء الدعوة، حيث أعلن النبي (صلى الله عليه وآله) عن أخوّة أمير المؤمنين له (صلى الله عليه وآله) ووصيته وخلافته فيهم، وأمرَهم بأن يسمعوا له ويطيعوا))[1].

ومنها حديث الغدير في أواخر حياة النبي (صلى الله عليه وآله) فقد روى أحمد بن حنبل عن حسين بن محمد وأبي نعيم المعني قالا: حدثنا فطر عن أبي الطفيل قال: ((جمع علي (رضي الله عنه) الناس في الرحبة. ثم قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله ﷺ يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام. فقام ثلاثون من الناس. وقال أبو نعيم: فقام ناس كثير، فشهدوا حين أخذ بيده فقال للناس: أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فهذا مولاه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. قال: فخرجت وكأن في نفسي شيئاً، فلقيت زيد بن أرقم فقلت له: إني سمعت عليا (رضي الله عنه) يقول كذا وكذا. قال: فما تنكر؟! قد سمعت رسول الله ﷺ يقول ذلك له))[2].

وهذه المناشدة للناس مشهورة بين رجال الحديث تعرضنا لبعض الكلام فيها في جواب السؤال السابع من الجزء الأول من كتابنا (في رحاب العقيدة).

وقد دعم جهود أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في ذلك جماعة من أكابر الصحابة ممن كان معه سواءً كان ذلك منهم أيام عثمان - كما ذكرناه آنفاً - أم بعده في عهد أمير المؤمنين (عليهم السلام). ومن ذلك استجابتهم له في مناشدة الرحبة.

بل دعمه بعد ذلك بعض من لم يكن معه ولا على خطه من الصحابة، بعد أن أصيبوا بالإحباط، واستشعروا الوهن، لتولي معاوية الأمر وتقدمه عليهم، فنشروا كثيراً من مناقب أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) الشاهدة بحقه وحق أهل بيته (عليهم السلام)، كرد فعل على ابتزاز معاوية للخلافة.

وأحد هؤلاء سعد بن أبي وقاص الذي كان ينال من أمير المؤمنين (عليه السلام) في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)[3]، وامتنع من بيعته حينما بايعه المسلمون بعد مقتل عثمان[4]، وكان ثالث ثلاثة تظاهروا عليه (عليه السلام) في الشورى الصالح عثمان الذي صارت خلافته سبباً لنفوذ الأمويين. حتى انتهى الأمر إلى خلافة معاوية وتقدمه عليه وعلى غيره من المهاجرين والأنصار، ورأى بعينه سوء عاقبة مواقفه، فروى كثيراً من مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام). كما يظهر بالرجوع للمصادر الكثيرة[5].

 


[1] تاريخ الطبري ج: ٢ ص: ٦٣-٦٤ ذكر الخبر عما كان من أمر النبي ﷺ عند ابتداء الله تعالى ذكره إياه بإكرامه بإرسال جبرئيل (عليه السلام) إليه بوحيه. الكامل في التاريخ ج: ٢ ص: ٦٣ ذكر أمر الله تعالى نبيه ﷺ بإظهار دعوته. تاریخ دمشق ج: ٤٢ ص: ٤٩، ٥٠ في ترجمة علي بن أبي طالب. شرح نهج البلاغة ج: ۱۳ ص: ۲۱۰ - ۲۱۱. كنز العمال ج: ۱۳ ص: ١١٤: ٣٦٣٧١، ص: ١٣١ - ١٣٣ ح: ٣٦٤١٩. وغيرها من المصادر.

وقد أبدل ابن كثير في تفسيره (ج: ٣ ص: ٣٦٤) وصبي وخليفتي بـ (كذا وكذا)، وكذا فعل في كتابه البداية والنهاية (ج: ٣ ص: ٥٣) باب الأمر بإبلاغ الرسالة. وقد سبقه في ذلك الطبري في تفسيره (ج: ١٩ ص: ١٤٩) مع أنه رواه في تاريخه بدون تصرف.

[2] مسند أحمد ج: ٤ ص: ۳۷۰ حدیث زيد بن أرقم (رضي الله عنه).

[3] الأحاديث المختارة ج: ٣ ص: ٢٦٧ فيما رواه مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه (رضي الله عنه). مجمع الزوائد ج: ٩ ص: ۱۲۹ کتاب المناقب باب مناقب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): باب منه جامع فيمن يحبه ومن يبغضه. مسند أبي يعلى ج: ٢ ص: ۱۰۹ مسند سعد بن أبي وقاص. تاريخ دمشق ج: ٤٢ ص: ٢٠٤ في ترجمة علي بن أبي طالب. البداية والنهاية ج: ٧ ص: ۳۸۳ أحداث سنة أربعين من الهجرة: شيء من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. وغيرها من المصادر.

[4] تاريخ الطبري ج: ٣ ص: ٤٥٤ أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة: خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنساب الأشراف ج: ٣ ص: ٧ بيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام). الكامل في التاريخ ج: ۳ ص: ۱۹۱ أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة: ذكر بيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. البداية والنهاية ج: ٧ ص: ٢٥٣ أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة: ذكر بيعة علي (رضي الله عنه) بالخلافة. تاريخ ابن خلدون ج: ١ ص: ٢١٤. الفتوح لابن أعثم ج: ٤ ص: ٤٤٠ ذكر من فشل عن البيعة وقعد عنها. شرح نهج البلاغة ج: ٤ ص: ٩. وغيرها من المصادر.

[5] راجع صحیح مسلم ج: ۷ ص: ۱۲۰ كتاب فضائل الصحابة: باب من فضائل علي (رضي الله عنه)، ومسند أحمد ج: 1 ص: ۱۸۲ في مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص(رض)، والمستدرك على الصحيحين ج: ۳ ص: ٤٩٩ - ٥٠٠ كتاب معرفة الصحابة(رض). مناقب سعد بن أبي وقاص، والسنن الكبرى ج: ٥ كتاب الخصائص ص: ۱۰۸ ذكر منزلة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، ص:۱۱۸، ۱۱۹ ذكر قوله ﷺ ما أنا أدخلته وأخرجتكم بل الله أدخله وأخرجكم، وسنن ابن ماجة ج: ١ ص: ٤٥ باب اتباع سنة رسول ﷺ: فضل علي بن أبي طالب(رضي الله عنه)، ومجمع الزوائد ج: ٩ ص: ۱۰۷ کتاب المناقب: باب مناقب علي بن أبي طالب: باب قوله ﷺ من كنت مولاه فعلي مولاه، والمصنف لابن أبي شيبة ج: ٧ ص: ٤٩٦ كتاب الفضائل: فضائل علي بن أبي طالب ﷺ ، وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص: ٥٩٥، ٥٩٦، ٦١٠، ومسند أبي يعلى ج: ۲ ص: ۱۰۹، ۱۳۲ مسند سعد بن أبي وقاص، والدر المنثور ج: ۲ ص: ٣٩، وغيرها من المصادر الكثيرة جداً.