سعيه (عليه السلام) لإيضاح الحقائق الدينية

الأمر الثالث: ما أشرنا إليه آنفاً من أن جمهور المسلمين كانوا في غفلة عن انحراف مسار السلطة في الإسلام، وتحكمها في الدين. بحيث كان معرضاً للضياع والتشويه. فإبقاؤهم على غفلتهم يضيع عليهم معالم الحق، ويعرض الدين للتحريف التدريجي بتعاقب السلطات غير المشروعة، حتى يمسخ، كما مسخت بقية الأديان، نتيجة تحكم غير المعصوم فيها.

فكان الهدف من تسنمه (صلوات الله عليه) للسلطة أن يُفسح المجال له ولمن يعرف حقه من الصحابة لكشف حقيقة الحال، وتنبيه الأمة من غفلتها، وتعريفها بدعوة الحق، وإيضاح معالمها، ليحملها - بل قد يدعو لها - من يوفقه الله تعالى لذلك.

وذلك من أجل أن تظهر هذه الدعوة الشريفة في المجتمع الإسلامي والإنساني على الصعيد العام، بحيث يسمع صوتها، لتقوم الحجة على الناس حتى لو عاد مسار السلطة للانحراف، كما هو المتوقع له (عليه السلام)، والذي حصل فعلاً.

وقد يشير إلى ذلك ما ورد عنه (صلوات الله عليه) في بيان ما دعاه لقبول الخلافة من قوله: ((والله ما تقدمت عليها إلا خوفاً من أن ينزو على الأمر تيس من بني أمية، فيلعب بكتاب الله عز وجل))[1].

 


[1] أنساب الأشراف ج: ٢ ص ٣٥٣ في ترجمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). ونحوه في بحار الأنوار ج: ٣٤ ص: ٣٥٨.