إباء أمير المؤمنين (عليه السلام) البيعة وتنبؤه بالمستقبل القاتم

وكيف كان فقد امتنع (صلوات الله عليه) من القبول بالبيعة، لعلمه بأنه لا يتم لهم ما أرادوا، لأن الناس - ولاسيما الخاصة - لا تطيق عدله، والتزامه بنصوص الدين، بعد أن تعودت على التسامح، وفتحت عيونها على الدنيا، وراقهم زبرجها.

وكان فيما قال إيضاحاً للحال، وكبحاً لجماح التفاؤل والآمال: ((دعوني والتمسوا غيري، فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان، لا تقوم به القلوب ولا تثبت عليه العقول))[1]. وقد أشار (عليه أفضل الصلاة والسلام) إلى ما توقعته الصديقة فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) في كلامها السابق، وهما يأخذان من أصل واحد.

ولما أصروا عليه قال (عليه السلام) إقامة الحجة: ((قد أجبتكم. واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، وإن تركتموني فإنما أنا كأحدكم، إلا أني أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه)) [2].

 


[1] نهج البلاغة ج: ۱ ص: ۱۸۱، واللفظ له. تاريخ الطبري ج: ٣ ص: ٤٥٦ أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة: خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. الكامل في التاريخ ج: ۳ ص: ۱۹۳ أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة: ذكر بيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. الفتوح لابن أعثم ج: ٢ ص: ٤٣١ ذكر بيعة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه). وغيرها من المصادر.

[2] الكامل في التاريخ ج: ۳ ص: ۱۹۳ أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة: ذكر بيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، واللفظ له. تاريخ الطبري ج: ٣ ص: ٤٥٦ أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة: خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. نهج البلاغة ج: ۱ ص: ۱۸۲. وغيرها من المصادر.