قيام كيان الإسلام العام على الطاعة العمياء للسلطة

إذا عرفت هذا فمن الطبيعي أن ينشأ المسلمون - بعد تلك الفتوح الكبرى، وانتشار الإسلام الواسع، ودخول من لا عهد له بالنبي (صلى الله عليه وآله) وتعاليمه - على ذلك، ويبتني كيانهم العام عليه.

وكان نتيجته تشوه المفاهيم الإسلامية التي تشيع عند عامة المسلمين، واحترام السلطة كيف كانت، وتحكّم غير المعصوم في الدين، يحلّ ما يشاء، ويحرم ما يشاء، ويبتدع ما يشاء، من دون أن يحيط بأحكام الدين، ويعرفها معرفة كاملة، ولا أن يلتزم بحرفية التشريع ويتقيد بها.

والمفروض على المسلمين القبول منه، والطاعة له، واللزوم الجماعته، والرضا بما قضى الله عز وجل، من دون اعتراض على الحاكم.

وفي حديث بين عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس حول من يستخلفه بعده جاء فيه: ((يا ابن عباس أترى صاحبكم لها موضعاً؟ قال: فقلت: وأين يبتعد من ذلك مع فضله وسابقته وقرابته وعلمه؟ ! قال: هو والله كما ذكرت. ولو وليهم لحملهم على منهج الطريق، فأخذ المحجة الواضحة... والله يا ابن عباس إن علياً ابن عمك لأحق الناس بها، ولكن قريشاً لا تحتمله. ولئن وليهم ليأخذنهم بمرّ الحق لا يجدون عنده رخصة. ولئن فعل لينكشن بيعته، ثم ليتحار بن))[1].

حيث يبدو من ذلك بوضوح أن اتجاه السلطة كان نحو التحلل من قيود الدين، وافتعال الرخص، وعدم الالتزام بمرّ الحق. إرضاء لقريش التي دخل أكثرها في الإسلام خوفاً أو طمعاً، من دون أن يستحكم في نفوسها كعقيدة ثابتة بحيث تجري على تعاليمه وإن خالف أهواءها.

 


[1] تاريخ اليعقوبي ج: ۲ ص: ١٥٨ - ١٥٩ أيام عمر بن الخطاب.