وإن مما يلفت النظر، ويدعو للتساؤل والعجب، تمكين السلطة في الصدر الأول للأمويين من مقدرات المسلمين، وخصوصاً معاوية.
فقد كان عمر بن الخطاب يحاسب جميع ولاته سوى معاوية، حيث كان يقول له: ((لا آمرك ولا أنهاك))[1]. وكان يغضّ الطرف عنه، وينهى عن ذمه، ويقول: (دعونا من ذم فتى قريش))[2]. ويقول عنه أيضاً: ((هذا كسرى العرب))[3].
ويا ترى هل جاء الإسلام ليستبدل کسری فارس بكسرى العرب؟! وهل أن ذلك يتناسب مع ما ينسب لعمر من خشونة العيش، والتركيز على محاسبة العمال، ومنعهم من التوسع والترف؟!.
ويزيد العجب أو التساؤل إذا صح عن عمر أنه كان يتوقع من معاوية الطمع وتحيّن الفرصة للاستيلاء على الخلافة. فقد ورد عنه أنه حذر أهل الشورى منه، وقال: ((إياكم والفرقة بعدي، فإن فعلتم فاعلموا أن معاوية بالشام، فإذا وكلتم إلى رأيكم عرف كيف يستبزها منكم))[4].
بل ورد عنه أنه كان يتوقع من بني أمية عامة أن يكيدوا للإسلام. فعن المغيرة بن شعبة أنه قال: ((قال لي عمر يوماً: يا مغيرة، هل أبصرت بهذه عينك العوراء منذ أصيبت؟ قلت: لا. قال: أما والله ليُعورن بنو أمية الإسلام كما أعُوِرت عينك هذه، ثم ليعمينه، حتى لا يدري أين يذهب ولا أين يجيء...))[5].
[1] الاستيعاب ج: ٣ ص: ١٤١٧ في ترجمة معاوية بن أبي سفيان. تاريخ دمشق ج: ٥٩ ص: ١١٢، ١١٣، ١١٤ في ترجمة معاوية بن صخر أبي سفيان، سير أعلام النبلاء ج: ٣ ص: ١٣٣ في ترجمة معاوية بن أبي سفيان. البداية والنهاية ج: ٨ ص: ۱۳۳ أحداث سنة ستين من الهجرة النبوية: ترجمة معاوية. شرح نهج البلاغة ج: ٨ ص: ٣٠٠. وغيرها من المصادر.
[2] الاستيعاب ج: ٣ ص: ١٤١٨ في ترجمة معاوية بن أبي سفيان. تاريخ دمشق ج: ٥٩ ص: ١١٢ في ترجمة معاوية بن صخر أبي سفيان.
[3] الاستيعاب ج: ٣ ص: ١٤١٧ في ترجمة معاوية بن أبي سفيان. أسد الغابة ج: ٤ ص: ٣٨٦. في ترجمة معاوية بن صخر بن حرب. الإصابة ج: ٦ ص: ۱۲۱ في ترجمة معاوية بن أبي سفيان. سير أعلام النبلاء ج: ٣ ص: ١٣٤ في ترجمة معاوية بن أبي سفيان تاريخ دمشق ج: ٥٩ ص: ١١٤، ١١٥ في ترجمة معاوية بن صخر أبي سفيان. البداية والنهاية ج: ٨ ص: ١٣٤ أحداث سنة ستين من الهجرة النبوية: ترجمة معاوية. أنساب الأشراف ج: ٥ ص: ١٥٥ في ترجمة معاوية بن أبي سفيان، وغيرها من المصادر.
[4] الإصابة ج: ٦ ص: ۱۲۲ في ترجمة معاوية بن أبي سفيان. تاريخ دمشق ج: ٥٩ ص: ١٢٤ في ترجمة معاوية بن صخر أبي سفيان البداية والنهاية ج: ٨ ص: ١٣٦ أحداث سنة ستين من الهجرة النبوية: ترجمة معاوية. وغيرها من المصادر.
[5] شرح نهج البلاغة ج: ۱۲ ص: ۸۲.