وفي الحقيقة أن اتفاق الأمة إنما يحسن، بل يجب، إذا كان اتفاقاً على الحق، أما إذا تعذر ذلك، فاختلافها في الحق خير من اتفاقها على الباطل، لما في الاختلاف المذكور من التنبيه للحق والتذكير به والدعوة إليه، وجعله في متناول الطالب له. ولو تم الاتفاق على الباطل لضاع الحق، واختفت معالمه، ولم يتيسر لأحد الوصول إليه. وفي ذلك تفويت للغرض والحكمة الداعية لتشريع الدين الحق، وإرسال الأنبياء به، وجهاد المؤمنين في سبيله، وتضحياتهم الجسيمة من أجله. وربما يأتي عند الكلام في نتائج فاجعة الطف مزيد من التوضيح لذلك.