بينما نرى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول في خطبة له: ((أما بعد فقد جعل الله لي عليكم حقاً بولاية أمركم، ولكم عليّ من الحق مثل الذي عليكم. فالحق أوسع الأشياء في التواصف، وأضيقها في التناصف، لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له... ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقاً افترضها لبعض الناس على بعض، فجعلها تتكافأ في وجوهها، ويوجب بعضها بعضها، ولا يستوجب بعضها إلا ببعض، وأعظم ما افترض الله سبحانه من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية، وحق الرعية على الوالي، فريضة فرضها الله سبحانه لكل على كل، فجعلها نظاماً لألفتهم وعزاً لدينهم. فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية. فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه، وأدى الوالي إليها حقها، عزّ الحق بينهم وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل... وإذا غلبت الرعية واليها، وأجحف الوالي برعيته اختلفت هنالك الكلمة، وظهرت معالم الجور...))[1].
ويقول في خطبة أخرى: ((أيها الناس إن لي عليكم حقاً، ولكم عليّ حق. فأما حقكم عليّ فالنصيحة لكم، وتوفير فيتكم عليكم، وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتأديبكم كيما تعلموا. وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة، والنصيحة في المشهد والمغيب، والإجابة حين أدعوكم، والطاعة حين أمركم))[2].