وقال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) أيضاً: ((أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا كذباً وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم. بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى...))[1].
قال ابن أبي الحديد: ((هذا الكلام كناية وإشارة إلى قوم من الصحابة، كانوا ينازعونه الفضل، فمنهم من كان يُدعى له أنه أفرض، ومنهم من كان يُدعى له أنه أقرأ، ومنهم من كان يدعى له أنه أعلم بالحلال والحرام. هذا مع تسليم هؤلاء له (عليه السلام) أنه أقضى الأمة، وأن القضاء يحتاج إلى كل هذه الفضائل. وكل واحدة منها لا تحتاج إلى غيرها. فهو إذن أجمع للفقه وأكثرهم احتواء عليه. إلا أنه (عليه السلام) لم يرض بذلك، ولم يصدق الخبر الذي قيل: أفرضكم فلان... إلى آخره. فقال: إنه كذب وافتراء حمل قوماً على وضعه الحسد والبغي والمنافسة لهذا الحي من بني هاشم، أن رفعهم الله على غيرهم، واختصهم دون سواهم))[2].
وعن عباد بن عبد الله الأسدي قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصدّيق الأكبر. لا يقولها غيري إلا كذاب. ولقد صليت قبل الناس سبع سنين))[3].
وروت معاذة العدوية قالت: ((سمعت علياً على منبر البصرة يخطب، يقول: أنا الصدّيق الأكبر. آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر، وأسلمت قبل أن يسلم))[4]. وعنه (عليه السلام) أنه قال: ((أنا الصدّيق الأكبر، وأنا الفاروق الأول. أسلمت قبل إسلام الناس، وصليت قبل صلاتهم))[5].
وقال ابن عبد البر: ((وروينا من وجوه عن علي (عليه السلام) أنه كان يقول: أنا عبد الله وأخو رسول الله. لا يقولها أحد غيري إلا كذاب))[6]... إلى غير ذلك مما يظهر منه تكذيب ما اشتهر من أن أبا بكر هو الصديق، وأن عمر هو الفاروق وما روي من أن أبا بكر أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله)[7].
ونظير ذلك ما عن أبي غطفان أنه قال: ((سألت ابن عباس أرأيت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) توفي ورأسه في حجر أحد؟ قال: توفي وهو لمستند إلى صدر علي. قلت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين سحري ونحري. فقال ابن عباس: أتعقل؟! والله لتوفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنه المستند إلى صدر علي. وهو الذي غسله وأخي الفضل بن عباس...))[8].
[1] نهج البلاغة ج: ٢ ص: ٢٧.
[2] شرح نهج البلاغة ج: ٩ ص: ٨٦.
[3] شرح نهج البلاغة ج: ۱۳ ص: ۲۲۸. تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين ص: ٨٣. وفي ضعفاء العقيلي ج: ٣ ص: ۱۳۷ في ترجمة عباد بن عبد الله الأسدي أنه (عليه السلام) قال: ((أنا عبد الله وأخو رسول الله أنا الصديق الأكبر وما قالها أحد قبلي وما يقولها إلا كاذب مفتر ولقد أسلمت وصليت قبل الناس سبع سنين)). وقد ذكر بدل (لا يقولها غيري) (لا يقولها بعدي) في سنن ابن ماجة ج: ١ ص: ٤٤ باب في فضائل أصحاب رسول الله ﷺ: فضل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، والسنن الكبرى للنسائي ج: ٥ ص: ۱۰۷ کتاب الخصائص: ذكر خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(رضي الله عنه): ذكر منزلة علي بن أبي طالب(رضي الله عنه)، والمستدرك على الصحيحين ج ۳ ص: ۱۱۲ کتاب معرفة الصحابة: فضائل علي بن أبي طالب(رضي الله عنه): ذكر إسلام أمير المؤمنين علي(رضي الله عنه)، والمصنف لابن أبي شيبة ج: ٧ ص: ٤٩٨ كتاب الفضائل فضائل علي بن أبي طالب(رضي الله عنه)، والسنة لابن أبي عاصم ص: ٥٨٤، وغيرها من المصادر الكثيرة.
[4] تاریخ دمشق ج: ٤٢ ص: ٣٣ في ترجمة علي بن أبي طالب، واللفظ له. الأحاد والمثاني ج: ١ ص: ١٥١. تهذيب الكمال ج: ۱۲ ص: ۱۸ في ترجمة سليمان بن عبد الله. ضعفاء العقيلي ج: ٢ ص: ۱۳۱ في ترجمة سليمان بن عبد الله. الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ج: ٣ ص: ٢٧٤ في ترجمة سليمان بن عبد الله. شرح نهج البلاغة ج: ٤ ص: ١٢٢، ج ۱۳ ص: ٢٢٨. ينابيع المودة ج: ٢ ص: ١٤٦. وغيرها من المصادر.
[5] شرح نهج البلاغة ج ١ ص: ٣٠ ينابيع المودة ج: ١ ص: ٤٥٥.
وقال ابن أبي الحديد في موضع آخر بعد نقل هذا الحديث عنه (عليه السلام): ((وفي غير رواية الطبري: أنا الصديق الأكبر وأنا الفاروق الأول، أسلمت قبل إسلام أبي بكر، وصليت قبل صلاته بسبع سنين)). شرح نهج البلاغة ج: ۱۳ ص: ٢٠٠.
[6] الاستيعاب ج: ۳ ص: ۱۰۹۸ في ترجمة علي بن أبي طالب.
[7] صحيح البخاري ج: ٤ ص: ۱۹۱ كتاب بدء الخلق: باب مناقب المهاجرين وفضلهم. مسند أحمد ج: ١ ص: ٤٦٣ مسند عبد الله بن مسعود. مسند أبي داود الطيالسي ص: ٤٢. المصنف لابن أبي شيبة ج: ۷ ص: ٤٧٦ كتاب الفضائل: ما ذكر في أبي بكر الصديق (رضي الله عنه). المعجم الكبير ج: ١٠ ص: ١٠٥ ما روي عن عبد الله بن مسعود. وغيرها من المصادر الكثيرة.
[8] الطبقات الكبرى ج: ٢ ص: ٢٦٣ ذكر من قال توفي رسول الله ﷺ في حجر علي بن أبي طالب، واللفظ له. فتح الباري ج: ٨ ص: ۱۰۷. كنز العمال ج: ٧ ص: ٢٥٣ - ٢٥٤ ح: ١٨٧٩١.