بل يظهر أن الوليد بن عتبة بن أبي سفيان قد أدرك ذلك من أول الأمر، فهو لم يستجب ليزيد حينما أمره بقتل الإمام الحسين (عليه السلام) إن لم يبايع. ولما عتب عليه مروان بن الحكم في ذلك لم يعتبه، بل أصرّ على موقفه. وقد بادر يزيد فعزله عن ولاية المدينة المنورة، كما سبق[1].
ولما سار الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة كتب الوليد إلى ابن زياد: ((أما بعد فإن الحسين بن علي قد توجه إلى العراق. وهو ابن فاطمة، وفاطمة بنت رسول الله. فاحذر يا ابن زياد أن تأتي إليه بسوء، فتهيج على نفسك وقومك في هذه الدنيا ما لا يسدّه شيء، ولا تنساه الخاصّة والعامة أبداً مادامت الدنيا ))[2].
وربما نسب هذا الكتاب لمروان بن الحكم[3]. لكن نفسية مروان ومواقفه - قبل قتل الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وبعده - لا تناسب ذلك.
وكيف كان فالكتاب المذكور يكشف عن إدراك كاتبه مسبقاً لشدة بشاعة الجريمة وأثرها السلبي على السلطة الغاشمة وبني أمية عامة.
[1] تاريخ الطبري ج:٤ ص: ٢٥٤ أحداث سنة ستين من الهجرة. وتقدمت بقية مصادره عند ذكر شواهد أمر يزيد بقتل الإمام الحسين (عليه السلام) عند الكلام في انقلاب موقف السلطة من الحدث.
[2] بحار الأنوار ج:٤٤ ص: ٣٦٨، واللفظ له. مقتل الحسين للخوارزمي ج: ۱ ص: ۲۲۱ الفصل الحادي عشر. الفتوح لابن أعثم ج:٥ ص: ۷۸ ذكر مسير الحسين إلى العراق، إلا أن فيه بدل ((أن تأتي إليه بسوء فتهيج» أن تبعث إليه رسولاً فتفتح)).
[3] تاریخ دمشق ج:١٤ ص: ۲۱۲ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب. تهذيب الكمال ج:٦ ص: ٤٢٢ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب. ترجمة الإمام الحسين من طبقات ابن سعد ص: ٦٢ ج:٢٨٣.