أدعيته (عليه السلام)

حفلت الأدعية التي أُثِرت عن الإمام العسكري(عليه السلام) بالدروس التربوية الهادفة إلى بناء صُرُوح العقيدة والإيمان بالله، وتنمية الخوف والرهبة من الله في أعماق نفوس الناس، لِتصدَّهُم عن الاعتداء، وتمنعهم عن الظلم والطغيان.

وقد كان اهتمام أهل البيت (عليهم السلام) بهذه الجهة اهتماماً بالغاً، ولم يُؤثَر عن أحد من خِيَارِ المسلمين من الأدعية مثل ما أُثِر عنهم (عليهم السلام).

وإِنَّها لَتُعَد من أروع الثروات الفكرية والأدبية في الإسلام، فقد حَوَت أصول الأخلاق، وقواعد السلوك والآداب، كما ألَمَّت بفلسفة التوحيد ومعالم السياسة العادلة وغير ذلك .

وتمثّل أدعية الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) جوهر الإخلاص والطاعة والمعرفة لله عز وجل، فقد اتّصلوا بالله تعالى، وانطبع حبّه في مشاعرهم وعواطفهم، فهاموا بمناجاته والدعاء له.

1- من  دعائه (عليه السلام) في الاعتصام:

(اللّهم إنّي أُشهِدُك بحقيقة إيماني، وعقد عزمات يقيني، وخالص صريح توحيدي، وخفيّ سطوات سرّي، وشعري وبشري، ولحمي ودمي، وصميم قلبي وجوارحي ولُبّي، بأنّك أنت الله لا إله إلاّ أنت، مالكُ الملك، وجبّارُ الجبابرة، وملكُ الدنيا والآخرة، تُعِزُّ مَن تشاء، وتُذِلُّ مَن تشاء، بيدك الخيرُ إنّك على كل شيء قدير.

فأَعِزَّني بعزّك، واقهر لي مَن أرادني بسطوتك، واخبأني من أعدائي في سترك، صمّ بكم عمي فهم لا يرجعون، وجعلنا من بين أيديهم سدّاً، ومن خلفهم سدّاً، فأغشيناهم فهم لا يبصرون.

بعزّة الله استجرنا، وبأسماء الله إيّاكم طردنا، وعليه توكّلنا، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد النبي وآله الطيبين الطاهرين، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وهو نعم المولى ونعم النصير، ومالنا ألاّ نتوكّل على الله، وقد هدانا سُبُلنا، ولنصبرنّ على ما آذيتمونا، وعلى الله فليتوكّل المتوكّلون، ومَن يتوكّل على الله فهو حسبه، إنّ الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شيء قدراً )[1].

2- دعاؤه (عليه السلام) في رفع الضر:

(... اللّهم أنت السلام، ومنك السلام، وإليك يرجع السلام، تباركتَ وتعاليتَ يا ذا الجلال والإكرام، والمنن العظام والأيادي الجسام، إلهي مَسنّي وأهلي الضرُّ، وأنت أرحم الراحمين، وأرأف الأرأفين، وأجود الأجودين، وأحكم الحاكمين، وأعدل الفاصلين.

اللّهم إنّي قصدتُ بابك، ونزلت بفنائك، واعتصمتُ بحبلك، واستغثتُ بك، واستجرتُ بك، يا غياثَ المستغيثين أغثني، يا جارَ المستجيرين أجرني، يا إلهَ العالمين خُذ بيدي، إنّه قد علا الجبابرةُ في أرضك، وظهروا في بلادك، واتخذوا أهل دينك خولاً، واستأثروا بفيء المسلمين، ومنعوا ذوي الحقوق حقوقهم التي جعلتها لهم، وصرفوها في الملاهي والمعازف، واستصغروا آلائك، وكذّبوا أوليائك، وتسلّطوا بجبروتهم ليُعِزّوا مَن أذللتَ، ويُذلّوا مَن أعززت، واحتجبوا عمّن يسألُهم حاجة، أو مَن ينتجع منهم فائدة، وأنت مولاي سامعُ كل دعوة، وراحمُ كل عبرة، ومقيلُ كل عثرة، سامع كل نجوى، وموضع كل شكوى، لا يخفى عليك شكوى، لا يخفى عليك ما في السماوات العلى، والأَرَضين السفلى، وما بينهما وما تحت الثرى.

اللّهم إنّي عبدك ابن أمَتك، ذليلٌ بين برّيتك، مسرعٌ إلى رحمتك، راجٍ لثوابك، اللّهم إنّ كل مَن أتيتُه فعليك يَدلّني، وإليك يُرشدني، وفيما عندك يُرغّبني، مولاي وقد أتيتك راجياً، سيّدي وقد قصدتك مؤملاً، يا خيرَ مأمول، ويا أكرمَ مقصود، صل على محمّد وعلى آل محمد، ولا تخيّب أملي، ولا تقطع رجائي، واستجب دعائي، وارحم تضرّعي، يا غياث المستغيثين أغثني، يا جار المستجيرين أجرني، يا إله العالمين خذ بيدي، أنقذني واستنقذني، ووفّقني واكفني.

اللّهم إنّي قصدتُك بأمل فسيح، وأمَّلتك برجاء منبسط، فلا تخيّب أملي، ولا تقطع رجائي، اللّهم إنّه لا يخيب منك سائل، ولا ينقصك نائل، يا ربّاه يا سيّداه، يا مولاه، يا عماداه، يا كهفاه، يا حصناه، يا حرزاه، يا لجآه.

اللّهم إيّاك أمّلتُ يا سيّدي، ولك أسلمت مولاي، ولِبابك قرعت، فصل على محمّد وآل محمّد، ولا تردّني بالخيبة محروماً، واجعلني ممّن تفضّلت عليه بإحسانك، وأنعمت عليه بتفضّلك، وجدت عليه بنعمتك، واسبغت عليه آلائك.

اللّهم أنت غياثي وعمادي، وأنت عصمتي ورجائي، مالي أمل سواك، ولا رجاء غيرك.

اللّهم فصلِّ على محمّد وآل محمّد، وجد عليّ بفضلك، وامنن عليّ بإحسانك، وافعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله، يا أهل التقوى وأهل المغفرة، وأنت خير لي من أبي وأمي، ومن الخلق أجمعين.

اللّهم إنّ هذه قصّتي إليك لا إلى المخلوقين، ومسألتي لك إذ كنتَ خير مسؤول، وأعزَّ مأمول، اللّهم صلَّ على محمّد وآل محمّد، وتعطَّف عليّ بإحسانك، ومُنَّ عليّ بعفوك وعافيتك، وحَصِّن ديني بالغنى، وأحرز أمانتي بالكفاية، واشغل قلبي بطاعتك، ولساني بذكرك، وجوارحي بما يقرّبني منك.

اللّهم ارزقني قلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وطرفاً غاضّاً، ويقيناً صحيحاً، حتّى لا أُحِبَّ تعجيل ما أخّرت، ولا تقديم ما أجّلت يا رب العالمين، ويا أرحم الراحمين.

صلِّ على محمّد وآل محمّد، واستجب دُعائي، وارحم تضرّعي، وكفّ عنّي البلاء، ولا تُشمِت بي الأعداء، ولا حاسداً، ولا تسلبني نعمة البستنيها، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ أبداً يا رب العالمين، وصلِّ على محمّد النبي وآله وسلّم تسليماً)[2].

 


[1] بحار الأنوار للعلامة المجلسي :ج91،ص377.

[2] مشارق انوار اليقين الحافظ رجب البرسي :ج99، ص238.