الزيارة الجامعة

لقد بلغ مذهب أهل البيت(عليهم السلام) مرحلة النضج في عهد الإمام الهادي (عليه السلام)، إلاّ أنه كان يهدده خطر التطرف الذي تسرب إلى بعض المسلمين عبر الثقافات المستوردة من الشرق، كما أنه كان بحاجة إلى مزيد من الدفع الإيماني حتى لا تهبط الروح المعنوية عند البعض بسبب دعايات الأعداء وبالذات الحكام العباسيين الذين لم يعرفوا مقام الأئمة(عليهم السلام) فنسبوا إليهم أو إلى شيعتهم الغلو، واحتياج المذهب إلى نصوص جامعة تكون بمثابة دروس توجيهية تتضمن أصول العقائد بلا زيادة أو نقصان.

وهكذا جاءت الزيارة الجامعة المروية عن الإمام الهادي (عليه السلام) التي تجعل الأئمة(عليهم السلام) في مقامهم الأسمى بعيداً عن الغنوص[1] والغلو.

دعنا نتدبر في بعض كلماتها المضيئة التي تعتبر أفضل وسيلة لتكريس حبهم في النفس ذلك الحب الذي يعتبر امتداداً لحب المؤمن لربّه، وليس بديلاً عنه.

عن محمد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثنا موسى بن عبد الله النخعي قال: قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) علمني يا ابن رسول الله قولا أقوله بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم فقال: إذا صرت إلى الباب فقف واشهد الشهادتين وأنت على غسل، فإذا دخلت فقف وقل: الله أكبر ثلاثين مرة، ثم امش قليلا وعليك السكينة والوقار وقارب بين خطاك ثم قف وكبر الله عز وجل ثلاثين مرة، ثم ادن من القبر وكبر الله أربعين تكبيرة تمام مأة تكبيرة، ثم قل:

(السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي ومعدن الرحمة، وخزّان العلم ومنتهى الحلم، وأصول الكرم وقادة الأمم، وأولياء النعم وعناصر الأبرار ودعائم الأخيار، وساسة العباد وأركان البلاد، وأبواب الإيمان وأمناء الرحمن، وسلالة النبيين وصفوة المرسلين وعترة خيرة رب العالمين ورحمة اللـه وبركاته، السلام على أئمة الهدى ومصابيح الدجى، وأعلام التقى وذوي النهى، وأولي الحجى وكهف الورى، وورثة الأنبياء والمثل الأعلى، والدعوة الحسنى وحجج اللـه على أهل الدنيا والأخرة والأولى ورحمة اللـه وبركاته، السلام على مَحالّ معرفة اللـه، ومساكن بركة اللـه، ومعادن حكمة اللـه، وحفظة سر اللـه، وحملة كتاب اللـه، وأوصياء نبي اللـه، وذرية رسول اللـه(صلى الله عليه وآله) ورحمة اللـه وبركاته، السلام على الدعاة إلى اللـه والأدّلاء على مرضاة اللـه، والمستقرين في أمر اللـه، والتامين في محبة اللـه، والمخلصين في توحيد اللـه، والمظهرين لأمر اللـه ونهيه، وعباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ورحمة اللـه وبركاته...)[2].

 


[1] الغنوصية: نَزْعَةٌ فِكْرِيَّةٌ، تَمْزِجُ الْفَلْسَفَةَ بِالدِّينِ، قَائِمَةٌ عَلَى المَعْرِفَةِ الْحَدْسِيَّةِ لِلْوُصُولِ إِلَى مَعْرِفَةِ اللهِ.

[2] عيون أخبار الرضا A للشيخ الصدوق: ج2، ص350.