قال الشيخ المفيد: كان الإمام بعد أبي جعفر(عليه السلام) ابنه أبا الحسن علي بن محمد(عليهما السلام)، لاجتماع خصال الإمامة فيه، وتكامل فضله، وأنه لا وارث لمقام أبيه سواه، وثبوت النص عليه بالإمامة، والاشارة إليه من أبيه بالخلافة[1].
الأدلة على إمامته(عليه السلام):
فيما يلي نذكر أهم الأدلة الواردة في إمامته(عليه السلام) كما يلي:
أولاً ـ نص آبائه(عليهم السلام) عليه (عليه السلام):
وردت المزيد من النصوص عن النبي(صلى الله عليه وآله) والآل المعصومين(عليهم السلام) تصرّح بتعيين أوصياء النبي(صلى الله عليه وآله) وخلفائه من عترته واحدا بعد واحد بأسمائهم وأوصافهم، بشكل يجلو العمى عن البصائر وينفي الشك عن القلوب، وسنذكر هنا أحاديث عن آبائه المعصومين(عليهم السلام) كنموذج على تلك النصوص.
١ ـ عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمعت جابر بن عبد اللّه الأنصاري يقول: قال لي رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): (يا جابر، إن أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أوّلهم عليّ، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف بالباقر، ستدركه يا جابر فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام، ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي، ثم القائم، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، محمد بن الحسن بن علي...)[2].
٢ ـ وروى ابن شاذان بالإسناد عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن سلامة عن أبي سلمى راعي أبل رسول الله، قال: سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقول: (ليلة أُسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ وعلا: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ...)[3]، قلت: والمؤمنون؟ قال: صدقت يا محمد، من خلفت في أمتك؟ قلت: خيرها، قال: علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم يا رب، قال: يا محمد، إنّي اطّلعت إلى الأرض اطلاّعة فاخترتك منها، فشققت لك اسما من أسمائي، فلا أُذكر في موضع إلاّ ذُكرت معي، فأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطّلعت الثانية فاخترت عليّا، وشققت له اسما من أسمائي، فأنا الأعلى وهو علي.
يا محمد، إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده من سنخ نور من نوري وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرض، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.
يا محمد، لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي، ثم أتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقرّ بولايتكم
يا محمد، أتحبّ أن تراهم؟ قلت: نعم يارب، فقال لي: التفت عن يمين العرش، فالتفت فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي، في ضحضاح من نور قياما يصلّون وهو في وسطهم ـ يعني المهدي ـ كأنّه كوكب دري.
قال: يا محمد، هؤلاء الحجج، وهو الثائر من عترتك، وعزتي وجلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي، والمنتقم من أعدائي، بهم يُمسك الله السماوات أن تقع على الأرض إلا بإذنه)[4].
ثانيا ـ نص أبيه (عليه السلام) عليه (عليه السلام):
فيما يلي نعرض أهم النصوص الواردة عن أبيه (عليه السلام) في النص عليه والإشارة إليه بالإمامة من بعده.
1 - عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيه عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ لَمَّا خَرَجَ أَبُو جَعْفَرٍ(عليه السلام) مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى بَغْدَادَ فِي الدَّفْعَةِ الأُولَى مِنْ خَرْجَتَيْه[5] قُلْتُ لَه عِنْدَ خُرُوجِه جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ فِي هَذَا الْوَجْه فَإِلَى مَنِ الأَمْرُ بَعْدَكَ فَكَرَّ بِوَجْهِه إِلَيَّ ضَاحِكاً وقَالَ (عليه السلام): (لَيْسَ الْغَيْبَةُ حَيْثُ ظَنَنْتَ فِي هَذِه السَّنَةِ)، فَلَمَّا أُخْرِجَ بِه الثَّانِيَةَ إِلَى الْمُعْتَصِمِ صِرْتُ إِلَيْه فَقُلْتُ لَه جُعِلْتُ فِدَاكَ أَنْتَ خَارِجٌ فَإِلَى مَنْ هَذَا الأَمْرُ مِنْ بَعْدِكَ فَبَكَى حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُه ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ(عليه السلام): (عِنْدَ هَذِه يُخَافُ عَلَيَّ، الأَمْرُ مِنْ بَعْدِي إِلَى ابْنِي عَلِيٍّ)[6].
2- وعن الصقر بن أبي دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا(عليهما السلام)
يقول: (إن الإمام بعدي ابني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه) الخبر[7].
3- وعن أحمد بن هلال، عن أمية بن علي القيسي، قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): من الخلف من بعدك؟ قال (عليه السلام): (ابني علي)[8].
[1] الإرشاد للشيخ المفيد: ج2، ص297.
[2] ينابيع المودة للقندوزي: ج3، ص399.
[3] سورة البقرة: آية 285.
[4] بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج27، ص200.
[5] 1 خَرْجَتَيْه: الخروج معروف والخرجة بالفتح للعدد وتثنيته لإفادة أن خروجه كان مرّتين
[6] 2 الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص323.
[7] 3 كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص378.
[8] 4 كفاية الأثر الخزاز القمي: ص284.