مواساته (عليه السلام) للناس

لقد شارك الإمام الجواد(عليه السلام) الناس وواساهم في فجائعهم ومحنهم، ومدَّ يد المعونة إلى فقرائهم، وضعفائهم، وبهذا البرّ والإحسان فقد احتلّ القلوب والعواطف وأخلص له الناس وأحبّوه كأعظم ما يكون الإخلاص والحبّ.

وواسى الإمام الجواد(عليه السلام) الناس في سرّائهم وضرائهم، ويقول المؤرّخون: إنّه قد جرت على إبراهيم بن محمد الهمداني مظلمة من قِبل الوالي، فكتب إلى الإمام الجواد(عليه السلام) يخبره بما جرى عليه، فتألّم الإمام وأجابه بهذه الرسالة:

«عجّل الله نصرتك على من ظلمك، وكفاك مؤنته، وابشر بنصر الله عاجلاً إن شاء الله، وبالآخرة أجلاً، وأكثر من حمد الله...»[1].

ومن مواساته للناس تعازيه للمنكوبين والمفجوعين، فقد بعث رسالة إلى رجل قد فجع بفقد ولده، وقد جاء فيها بعد البسملة:

«ذكرت مصيبتك بعليّ ابنك، وذكرت أنّه كان أحبّ ولدك إليك، وكذلك الله عز وجل إنّما يأخذ من الولد وغيره أزكى ما عند أهله، ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة، فأعظم الله أجرك، وأحسن عزاك، وربط على قلبك، إنّه قدير، وعجّل الله عليك بالخلف، وأرجو أن يكون الله قد فعل إن شاء الله...»[2].

 وأعربت هذه الرسالة الرقيقة عن مدى تعاطف الإمام مع الناس، ومواساته لهم في البأساء والضرّاء.

ومن مواساته للناس أنّ رجلاً من شيعته كتب إليه يشكو ما ألمَّ به من الحزن والأسى لفقد ولده، فأجابه الإمام(عليه السلام) برسالة تعزية جاء فيها: «أمَا علمت أنّ الله عز وجل يختار من مال المؤمن، ومن ولده أنفسه ليؤجره على ذلك...»[3].

لقد كان الإمام الجواد(عليه السلام) من أروع صور الفضيلة والكمال في الأرض، فلم ير الناس في عصره من يضارعه في علمه وتقواه وورعه، وشدّة تحرّجه في الدين، فقد كان نسخة لا ثاني لها في فضائله ومآثره التي هي السرّ في إمامته.

 


[1] بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج 12 ،ص 126.

[2] وسائل الشيعة للحر العاملي: ج 2 ،ص 874.

[3] وسائل الشيعة للحر العاملي: ج 2 ،ص 893.