علم الإمام (عليه السلام)

لا فضيلة كالعلم، فإنّ به حياة الأمم وسعادتها، ورقيّها وخلودها، وبه نباهة المرء وعلو مقامه وشرف نفسه. ولا غرابة لو كان العلم أفضل من العبادة أضعافاً مضاعفه، لأنّ العابد صالح على طريق نجاة، قد استخلص نفسه فحسب، ولكن العالم مصلح يستطيع أن يستخرج عوالم كبيرة من غياهب الضلال، وصالح في نفسه أيضاً، وقد فتح عينيه في طريقه، ومن فتح عينه أبصر الطريق. وقد جاء في السنّة الثناء العاطر على العلم ـ القدر المتيقّن منه علم الدين ـ
وأهله، كما جاء في الكتاب آيات جمّة في مدحه ومدح ذويه، وهذا أمر مفروغ عنه، لا يحتاج إلى استشهاد واستدلال.

علم الأنبياء والأوصياء(عليهم السلام) إلهامي:

إنّ علم الدين على قسمين: إلهامي وكسبي، والكسبي يقع فيه الخطأ والصواب، والصحّة والغلط، وغلط العالِم وخطأه يعود على العالَم كلّه، لأنّ الناس أتباع العلماء في الأحكام والحلال والحرام، والله جلّ شأنه لا يريد للناس إِلاّ العمل بالشريعة التي أنزلها، والأحكام التي شرّعها، فلابد إِذن من أن يكون في الناس عالم لا يخطأ ولا يغلط، ولا يسهو ولا ينسى، ليرشد الناس إلى تلك الشريعة المنزلة منه جلّ شأنه، والأحكام المشرّعة من لدنه سبحانه، فلا تقع الأُمّة في أشراك الأخطاء وحبائل الأغلاط، ولا يكون ذلك إِلاّ إذا كان علم العالم وحياً أو إِلهاماً. فمن هنا كان حتماً أن يكون علم الأنبياء وأوصيائهم من العلم الإِيحائي أو الإِلهامي صوناً لهم وللأُمم من الوقوع في المخالفة ولو خطأً.