الدعاء المفضل على كل دعاء

الدعاء المفضل على كل دعاء لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان يدعو به أمير المؤمنين (عليه السلام) والباقر والصادق (عليهما السلام)، وعرض هذا الدعاء على أبي جعفر محمد بن عثمان (قدس الله نفسه)[1]، فقال: ما مثل هذا الدعاء، وقال: قراءة هذا الدعاء من أفضل العبادة:

(اَللَّهُمَّ أنت ربي وأنا عبدك، آمنت بك مخلصاً لك على عهدك ووعدك ما استطعت أتوب إليك من سوء عملي، وأستغفرك لذنوبي التي لا يغفرها غيرك، أصبح ذلي مستجيراً بعزتك، وأصبح فقري مستجيراً بغناك، وأصبح جهلي مستجيراً بحلمك وأصبحت قلة حيلتي مستجيرةً بقدرتك، وأصبح خوفي مستجيراً بأمانك، وأصبح دائي مستجيراً بدوائك، وأصبح سقمي مستجيراً بشفائك، وأصبح حَيني[2] مستجيراً بقضائك، وأصبح ضعفي مستجيراً بقوتك، وأصبح ذنبي مستجيراً بمغفرتك، وأصبح وجهي الفاني البالي مستجيراً بوجهك الباقي الدائم الذي لا يبلى ولا يفنى، يا من لا يواريه ليل داج، ولا سماء ذات أبراج، ولا حجب ذات ارتجاج، ولا ماء ثجاج في قعر بحر عجاج، يا دافع السطوات، يا كاشف الكربات، يا منزل البركات من فوق سبع سماوات، أسئلك يا فتاح يا نفاح يا مرتاح، يا من بيده خزائن كل مفتاح، أن تصلي على محمد وآل محمد الطاهرين الطيبين، وأن تفتح لي من خير الدنيا والآخرة، وأن تحجب عني فتنة الموكل بي، ولا تسلطه عليَّ فيهلكني ولا تكلني إلى أحد طرفة عين فيعجز عني، ولا تحرمني الجنة، وارحمني وتوفني مسلماً وألحقني بالصالحين، واكففني بالحلال عن الحرام، وبالطيب عن الخبيث يا أرحم الراحمين، اَللَّهُمَّ خلقت القلوب على إرادتك، وفطرت العقول على معرفتك، فتململت الأفئدة من مخافتك، وصرخت القلوب بالوله، وتقاصر وسع قدر العقول عن الثناء عليك، وانقطعت الألفاظ عن مقدار محاسنك، وكلت الألسن عن إحصاء نعمك وإذا ولجت بطرق البحث عن نعتك بهرتها حيرة العجز عن إدراك وصفك، فهي تتردد في التقصير عن مجاوزة ما حددت لها، إذ ليس لها أن تتجاوز ما أمرتها، فهي بالاقتدار على ما مكنتها تحمدك بما أنهيت إليها والألسن منبسطة بما تملي عليها، ولك على كل من استعبدت من خلقك ألا يملوا من حمدك، وإن قصرت المحامد عن شكرك على ما أسديت إليها من نعمك، فحمدك بمبلغ طاقة حمدهم الحامدون، واعتصم برجاء عفوك المقصرون وأوجس بالربوبية لك الخائفون، وقصد بالرغبة إليك الطالبون، وانتسب إلى فضلك المحسنون، وكل يتفيأ في ظلال تأميل عفوك ويتضاءل بالذل لخوفك ويعترف بالتقصير في شكرك، فلم يمنعك صدوف من صدف عن طاعتك، ولا عكوف من عكف على معصيتك، أن أسبغت عليهم النعم، وأجزلت لهم القسم، وصرفت عنهم النقم، وخوفتهم عواقب الندم، وضاعفت لمن أحسن، وأوجبت على المحسنين شكر توفيقك للإحسان، وعلى المسيئ شكر تعطفك بالامتنان، ووعدت محسنهم بالزيادة في الاحسان منك، فسبحانك تثيب على ما بدؤه منك، وانتسابه إليك، والقوة عليه بك، الإحسان فيه منك، والتوكل في التوفيق له عليك، فلك الحمد حمد من علم أن الحمد لك، وأن بدأه منك ومعاده إليك حمداً لا يقصر عن بلوغ الرضا منك، حمد من قصدك بحمده، واستحق المزيد له منك في نعمه، ولك مؤيدات من عونك، ورحمة تخص بها من أحببت من خلقك فصل على محمد وآله، واخصصنا من رحمتك، ومؤيدات لطفك وأوجبها للإقالات وأعصمها من الإضاعات، وأنجاها من الهلكات، وأرشدها إلى الهدايات، وأوقاها من الآفات، وأعصمها من الإضاعات[3] وأوفرها من الحسنات، وأنزلها بالبركات وأزيدها في القسم، وأسبغها للنعم، وأسترها للعيوب، وأغفرها للذنوب إنك قريب مجيب، فصلِّ على خيرتك من خلقك، وصفوتك من بريتك، وأمينك على وحيك بأفضل الصلوات، وبارك عليهم بأفضل البركات، بما بلغ عنك من الرسالات، وصدع بأمرك، ودعا إليك، وأفصح بالدلائل عليك، بالحق المبين، حتى أتاه اليقين وصلى الله عليه في الأولين، وصلى الله عليه في الآخرين، وعلى آله وأهل بيته الطاهرين، واخلفه فيهم بأحسن ما خلفت به أحداً من المرسلين بك يا أرحم الراحمين، اَللَّهُمَّ لك إرادات لا تعارض دون بلوغها الغايات، قد انقطع معارضتها بعجز الاستطاعات عن الرد لها دون النهايات، فأية إرادة جعلتها إرادة لعفوك، وسبباً لنيل فضلك، واستنزالاً بخيرك، فصل على محمد وأهل بيت محمد وصلها اَللَّهُمَّ بدوام وأبدأها بتمام، إنك واسع الحباء كريم العطاء، مجيب النداء، سميع الدعاء)[4].

 


[1] محمدُ بْنُ عثمانَ بْنِ سَعِيدٍ العَمْريُّ الأسديُّ المعروف بـالخلاني المُكنَّى بأبي جعفر العسكري هو السفير الثاني وابن السفير الأول للإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف).

[2] الحَين – بالفتح -: الهلاك. لسان العرب.

[3] قال في بحار الأنوار: في المصدر: وأعظمها من الإضاعات، وفي نسخة الكمباني: واعصمنا من الإضاعات.

[4] مهج الدعوات ومنهج العبادات للسيد ابن طاووس: ص 153-156، وعنه في بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج 92، ص 402- 404